responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 924


القيامة . وكفى بذلك واعظا لمن عقل ، ومعتبرا لمن جهل . وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس ، وشدّة الإبلاس . وهول المطَّلع ، وروعات الفزع . واختلاف الأضلاع ، واستكاك الأسماع . وظلمة اللَّحد ، وخيفة الوعد . وغمّ الضّريح ، وردم الصّفيح . ( الخطبة 188 ، 351 ) واعلموا أنّ ملاحظ المنيّة نحوكم دانية ، وكأنّكم بمخالبها وقد نشبت فيكم ، وقد دهمتكم فيها مفظعات الأمور ، ومعضلات المحذور . فقطَّعوا علائق الدّنيا واستظهروا بزاد التّقوى . ( الخطبة 202 ، 397 ) أولئكم سلف غايتكم وفرّاط مناهلكم . الَّذين كانت لهم مقاوم العزّ وحلبات الفخر ، ملوكا وسوقا . سلكوا في بطون البرزخ سبيلا . سلَّطت الأرض عليهم فيه ، فأكلت من لحومهم ، وشربت من دمائهم . فأصبحوا في فجوات قبورهم جمادا لا ينمون ، وضمارا لا يوجدون . لا يفزعهم ورود الأهوال ، ولا يحزنهم تنكَّر الأحوال . ولا يحفلون بالرّواجف ولا يأذنون ( أي يستمعون ) للقواصف . غيّبا لا ينتظرون ، وشهودا لا يحضرون . وإنّما كانوا جميعا فتشتّتوا ، وآلافا فافترقوا . وما عن طول عهدهم ولا بعد محلَّهم عميت أخبارهم ، وصمّت ديارهم ، ولكنّهم سقوا كأسا بدّلتهم بالنّطق خرسا ، وبالسّمع صمما ، وبالحركات سكونا . فكأنّهم في ارتجال الصّفة صرعى سبات . جيران لا يتأنّسون ، وأحبّاء لا يتزاورون . بليت بينهم عرى التّعارف . وانقطعت منهم أسباب الإخاء . فكلَّهم وحيد وهم جميع . وبجانب الهجر وهم أخلَّاء . لا يتعارفون لليل صباحا ، ولا لنهار مساء .
أيّ الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا . شاهدوا من أخطار دارهم أفظع ممّا خافوا ، ورأوا من آياتها أعظم ممّا قدّروا ، فكلتا الغايتين مدّت لهم إلى مباءة ، فأتت مبالغ الخوف والرّجاء . فلو كانوا ينطقون بها لعيّوا بصفة ما شاهدوا وما عاينوا . ولئن عميت آثارهم ، وانقطعت أخبارهم . لقد رجعت فيهم أبصار العبر ، وسمعت عنهم آذان العقول . وتكلَّموا من غير جهات النّطق . فقالوا : كلحت الوجوه النّواضر ، وخوت الأجسام النّواعم . ولبسنا أهدام البلى ، وتكاءدنا ( أي شقّ علينا ) ضيق المضجع ،

924

نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 924
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست