responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 922


على ما أصحر له ( أي ما ظهر له وأنكشف ) عند الموت من أمره ، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيّام عمره ، ويتمنّى أنّ الَّذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتّى خالط لسانه سمعه . فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ، ولا يسمع بسمعه . يردّد طرفه بالنّظر في وجوههم . يرى حركات ألسنتهم ، ولا يسمع رجع كلامهم . ثمّ ازداد الموت التياطا به ، فقبض بصره كما قبض سمعه ، وخرجت الرّوح من جسده ، فصار جيفة بين أهله . قد أوحشوا من جانبه ، وتباعدوا من قربه . لا يسعد باكيا ، ولا يجيب داعيا . ثمّ حملوه إلى مخطَّ في الأرض ، فأسلموه فيه إلى عمله ، وانقطعوا عن زورته . ( الخطبة 107 ، 210 ) وقال ( ع ) عن صفة الموتى : حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا ، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا . وجعل لهم من الصّفيح أجنان ، ومن التّراب أكفان ، ومن الرّفات جيران . فهم جيرة لا يجيبون داعيا ، ولا يمنعون ضيما ، ولا يبالون مندبة . إن جيدوا ( أي أصابهم المطر ) لم يفرحوا ، وإن قحطوا لم يقنطوا . جميع وهم آحاد ، وجيرة وهم أبعاد .
متدانون لا يتزاورون ، وقريبون لا يتقاربون . حلماء قد ذهبت أضغانهم ، وجهلاء قد ماتت أحقادهم . لا يخشى فجعهم ، ولا يرجى دفعهم . استبدلوا بظهر الأرض بطنا ، وبالسّعة ضيقا . وبالأهل غربة ، وبالنّور ظلمة . فجاؤوها كما فارقوها ، حفاة عراة .
قد ظعنوا عنها بأعمالهم إلى الحياة الدّائمة والدّار الباقية ، كما قال سبحانه وتعالى * ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُه ، وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) * . ( الخطبة 109 ، 217 ) وأسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل أن يدعى بكم . ( الخطبة 111 ، 218 ) ثمّ إنّ الدّنيا دار فناء وعناء ، وغير وعبر ، فمن الفناء أنّ الدّهر موتر قوسه ، لا تخطئُ سهامه ، ولا تؤسى جراحه . يرمي الحيّ بالموت ، والصّحيح بالسّقم ، والنّاجي بالعطب . ( الخطبة 112 ، 220 ) فسبحان اللَّه ، ما أقرب الحيّ من الميّت للحاقه به ، وأبعد الميّت من الحيّ لانقطاعه عنه . ( الخطبة 112 ، 221 ) إنّ الموت طالب حثيث ، لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب . إنّ أكرم الموت القتل .

922

نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 922
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست