نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 897
أحدا يجد إلى البقاء سلَّما ، أو لدفع الموت سبيلا ، لكان ذلك سليمان بن داود - عليه السّلام - الَّذي سخّر له ملك الجنّ والإنس ، مع النّبوّة وعظيم الزّلفة . فلمّا استوفى طعمته ، واستكمل مدّته ، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت . وأصبحت الدّيار منه خالية ، والمساكن معطَّلة . وورثها قوم آخرون . وإنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة . ( الخطبة 180 ، 326 ) ألا إنّه قد أدبر من الدّنيا ما كان مقبلا ، وأقبل منها ما كان مدبرا ، وأزمع التّرحال عباد اللَّه الأخيار . وباعوا قليلا من الدّنيا لا يبقى ، بكثير من الآخرة لا يفنى . ( الخطبة 180 ، 328 ) ذاك حيث تسكرون من غير شراب ، بل من النّعمة والنّعيم . ( الخطبة 185 ، 346 ) . . . ولا ترفعوا من رفعته الدّنيا . ولا تشيموا بارقها ( أي لا تنظروا لما يغركم من مطامعها كالناظر إلى البرق أين يمطر ) ولا تسمعوا ناطقها ، ولا تجيبوا ناعقها . ولا تستضيئوا بإشراقها ، ولا تفتنوا بأعلاقها ( جمع علق وهو الشيء النفيس ) . فإنّ برقها خالب ، ونطقها كاذب . وأموالها محروبة ، وأعلاقها مسلوبة . ألا وهي المتصدّية العنون ، والجامحة الحرون ، والمائنة الخؤون . والجحود الكنود ، والعنود الصّدود ، والحيود الميود . حالها انتقال ، ووطأتها زلزال . وعزّها ذلّ ، وجدّها هزل ، وعلوها سفل . دار حرب وسلب ، ونهب وعطب . أهلها على ساق وسياق ، ولحاق وفراق . قد تحيّرت مذاهبها ، وأعجزت مهاربها ، وخابت مطالبها . فأسلمتهم المعاقل ، ولفظتهم المنازل ، وأعيتهم المحاول . فمن ناج معقور ولحم مجزور . وشلو مذبوح ودم مسفوح . وعاضّ على يديه ، وصافق بكفّيه ، ومرتفق بخدّيه . وزار على رأيه ، وراجع عن عزمه . وقد أدبرت الحيلة وأقبلت الغيلة ولات حين مناص هيهات هيهات قد فات ما فات ، وذهب ما ذهب . ومضت الدّنيا لحال بالها * ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأَرْضُ وما كانُوا مُنْظَرِينَ ) * . ( الخطبة 189 ، 355 ) أوصيكم عباد اللَّه بتقوى اللَّه . وأحذّركم الدّنيا ، فإنّها دار شخوص ومحلَّة تنغيص . ساكنها ظاعن وقاطنها بائن . تميد بأهلها ميدان السّفينة ، تقصفها العواصف في لجج
897
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 897