responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 892


مسلوب ، وعزيزها مغلوب ، وموفورها منكوب ، وجارها محروب ( أي مسلوب المال ) .
ألستم في مساكن من كان قبلكم ، أطول أعمارا ، وأبقى آثارا ، وأبعد آمالا ، وأعدّ عديدا ، وأكثف جنودا تعبّدوا للدّنيا أيّ تعبّد ، وآثروها أيّ إيثار . ثمّ ظعنوا عنها بغير زاد مبلَّغ ولا ظهر قاطع . فهل بلغكم أنّ الدّنيا سخت لهم نفسا بفدية ، أو أعانتهم بمعونة ، أو أحسنت لهم صحبة بل أرهقتهم بالقوادح ، وأوهنتهم بالقوارع ، وضعضعتهم بالنّوائب ، وعفّرتهم للمناخر ، ووطئتهم بالمناسم ، وأعانت عليهم ريب المنون . فقد رأيتم تنكَّرها لمن دان لها ، وآثرها وأخلد لها . حين ظعنوا عنها لفراق الأبد . وهل زوّدتهم إلَّا السّغب ، أو أحلَّتهم إلَّا الضّنك ، أو نوّرت لهم إلَّا الظَّلمة ، أو أعقبتهم إلَّا النّدامة أفهذه تؤثرون ، أم إليها تطمئنّون أم عليها تحرصون فبئست الدّار لمن لم يتّهمها ، ولم يكن فيها على وجل منها فاعلموا - وأنتم تعلمون - بأنّكم تاركوها وظاعنون عنها . ( الخطبة 109 ، 214 ) وأحذّركم الدّنيا فإنّها منزل قلعة ( أي غير مستقرة ) وليست بدار نجعة . قد تزيّنت بغرورها ، وغرّت بزينتها . دار هانت على ربّها فخلط حلالها بحرامها ، وخيرها بشرّها ، وحياتها بموتها ، وحلوها بمرّها . لم يصفها اللَّه تعالى لأوليائه ، ولم يضنّ بها على أعدائه . خيرها زهيد وشرّها عتيد . وجمعها ينفد ، وملكها يسلب ، وعامرها يخرب . فما خير دار تنقض نقض البناء ، وعمر يفنى فيها فناء الزّاد ، ومدّة تنقطع انقطاع السّير اجعلوا ما افترض اللَّه عليكم من طلبكم ، واسألوه من أداء حقّه ما سألكم .
وأسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل أن يدعى بكم . إنّ الزّاهدين في الدّنيا تبكي قلوبهم وإن ضحكوا ، ويشتدّ حزنهم وإن فرحوا ، ويكثر مقتهم أنفسهم وإن اغتبطوا بما رزقوا . قد غاب عن قلوبكم ذكر الآجال ، وحضرتكم كواذب الآمال . فصارت الدّنيا أملك بكم من الآخرة ، والعاجلة أذهب بكم من الآجلة . . . ما بالكم تفرحون باليسير من الدّنيا تدركونه ، ولا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه ويقلقكم اليسير من الدّنيا يفوتكم ، حتّى يتبيّن ذلك في وجوهكم ، وقلَّة صبركم عمّا زوي منها

892

نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 892
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست