نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 89
المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبمضادّته بين الأمور عرف أن لا ضدّ له . وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ، ضادّ النّور بالظَّلمة ، والوضوح بالبهمة . والجمود بالبلل ، والحرور بالصّرد ( أي البرد ) . مؤلَّف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها . مقرّب بين متباعداتها ، مفرّق بين متدانياتها . لا يشمل بحدّ ، ولا يحسب بعدّ . وإنّما تحدّ الأدوات أنفسها ، وتشير الآلات إلى نظائرها . منعتها ( منذ ) القدمة ، وحمتها ( قد ) الأزليّة . وجنّبتها ( لولا ) التّكملة . بها تجلَّى صانعها للعقول ، وبها امتنع عن نظر العيون ، ولا يجري عليه السّكون والحركة . وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما هو أبداه . ويحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته ، ولتجزّأ كنهه ، ولامتنع من الأزل معناه . ولكان له وراء إذ وجد له أمام . ولالتمس التّمام إذ لزمه النّقصان . وإذا لقامت آية المصنوع فيه ، ولتحوّل دليلا بعد أن كان مدلولا عليه . وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر في غيره . الَّذي لا يحول ولا يزول ، ولا يجوز عليه الأفول . لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا . جلّ عن اتّخاذ الأبناء ، وطهر عن ملامسة النّساء . لا تناله الأوهام فتقدّره ، ولا تتوهّمه الفطن فتصوّره . ولا تدركه الحواسّ فتحسّه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسّه . ولا يتغيّر بحال ، ولا يتبدّل في الأحوال . ولا تبليه اللَّيالي والأيّام ، ولا يغيّره الضّياء والظَّلام . ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا بالجوارح والأعضاء . ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيريّة والأبعاض . ولا يقال له حدّ ولا نهاية ، ولا انقطاع ولا غاية . ولا أنّ الأشياء تحويه فتقلَّه أو تهويه ( أي ترفعه أو تسقطه ) ، أو أنّ شيئا يحمله فيميله أو يعدّله . ليس في الأشياء بوالج ، ولا عنها بخارج . يخبر لا بلسان ولهوات ، ويسمع لا بخروق وأدوات . يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفّظ ، ويريد ولا يضمر . يحبّ ويرضى من غير رقّة ، ويبغض ويغضب من غير مشقّة . يقول لمن أراد كونه : كن فيكون ، لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع . وإنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثّله . لم يكن من قبل ذلك كائنا ، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا . ( الخطبة 184 ، 341 ) لا يقال كان بعد أن لم يكن ، فتجري عليه الصّفات المحدثات . ولا يكون بينها وبينه
89
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 89