responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 874


من نفسه ، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشا ، ولا يعتقدها قرارا ، ولا يرجو فيها مقاما . فأخرجها من النّفس ، وأشخصها عن القلب ، وغيّبها عن البصر .
وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه ، وأن يذكر عنده .
ولقد كان في رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - ما يدلَّك على مساوئ الدّنيا وعيوبها . إذ جاع فيها مع خاصّته ( أي مع تفضله عند ربّه ) ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته . فلينظر ناظر بعقله ، أكرم اللَّه محمّدا بذلك أم أهانه فإن قال : أهانه ، فقد كذب - واللَّه العظيم - بالإفك العظيم . وإن قال : أكرمه فليعلم أنّ اللَّه قد أهان غيره حيث بسط الدّنيا له ، وزواها عن أقرب النّاس منه . فتأسّى متأسّ بنبيّه ، واقتصّ أثره ، وولج مولجه ، وإلَّا فلا يأمن الهلكة . فإنّ اللَّه جعل محمّدا - صلَّى اللَّه عليه وآله - علما للسّاعة ( أي دليلا على اقتراب الساعة ) ومبشّرا بالجنّة ، ومنذرا بالعقوبة . خرج من الدّنيا خميصا ، وورد الآخرة سليما . لم يضع حجرا على حجر ، حتّى مضى لسبيله ، وأجاب داعي ربّه . فما أعظم منّة اللَّه عندنا حين أنعم علينا به ، سلفا نتّبعه ، وقائدا نطأ عقبه . واللَّه لقد رقّعت مدرعتي هذه حتّى استحييت من راقعها . ولقد قال لي قائل : ألا تنبذها عنك فقلت : اعزب عنّي ، فعند الصّباح يحمد القوم السّرى ( هذا المثل معناه : إذا أصبح النائمون وقد رأوا أن الذين كانوا يسيرون ليلا قد وصلوا إلى مقاصدهم ، أدركوا فضل سيرهم وندموا على نومهم ) . ( الخطبة 158 ، 284 ) وقال ( ع ) في صفة المتقي : بعده عمّن تباعد عنه زهد ونزاهة ، ودنوّه ممّن دنا منه لين ورحمة . ( الخطبة 191 ، 380 ) ومن كلام له ( ع ) بالبصرة ، وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي يعوده ، فلما رأى سعة داره قال : ما كنت تصنع بسعة هذه الدّار في الدّنيا وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج .
وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة : تقري فيها الضّيف ، وتصل فيها الرّحم ، وتطلع منها الحقوق مطالعها ، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة .
فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو إليك أخي عاصم ابن زياد . قال : وما له قال : لبس العباءة وتخلى عن الدنيا . قال : عليّ به . فلما جاء قال :

874

نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 874
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست