responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 865


القول ) ، ليّنا قوله . غائبا منكره ، حاضرا معروفه . مقبلا خيره ، مدبرا شرّه . في الزّلازل وقور ، وفي المكاره صبور ، وفي الرّخاء شكور . لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحبّ . يعترف بالحقّ قبل أن يشهد عليه . لا يضيع ما استحفظ ولا ينسى ما ذكَّر .
ولا ينابز بالألقاب ، ولا يضارّ بالجار ، ولا يشمت بالمصائب . ولا يدخل في الباطل ، ولا يخرج من الحقّ . إن صمت لم يغمّه صمته ، وإن ضحك لم يعل صوته . وإن بغي عليه صبر حتّى يكون اللَّه هو الَّذي ينتقم له . نفسه منه في عناء ، والنّاس منه في راحة . أتعب نفسه لآخرته ، وأراح النّاس من نفسه . بعده عمّن تباعد عنه زهد ونزاهة .
ودنّوه ممّن دنا منه لين ورحمة . ليس تباعده بكبر وعظمة ، ولا دنوّه بمكر وخديعة .
قال : فصعق همّام صعقة كانت نفسه فيها ( أي مات ) . فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : أما واللَّه لقد كنت أخافها عليه . ثمّ قال : هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها ( الخطبة 191 ، 376 ) وقال ( ع ) في صفة السالك الطريق إلى اللَّه سبحانه : قد أحيا عقله ، وأمات نفسه . حتّى دقّ جليله ، ولطف غليظه . وبرق له لامع كثير البرق ، فأبان له الطَّريق ، وسلك به السّبيل . وتدافعته الأبواب إلى باب السّلامة ، ودار الإقامة . وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والرّاحة . بما استعمل قلبه ، وأرضى ربّه . ( الخطبة 218 ، 415 ) وقال ( ع ) عند تلاوته * ( يُسَبِّحُ لَه فِيها بِالْغُدُوِّ والْآصالِ رِجالٌ ، لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله ) * : إنّ اللَّه سبحانه وتعالى جعل الذّكر جلاء للقلوب ، تسمع به بعد الوقرة ، وتبصر به بعد العشوة ، وتنقاد به بعد المعاندة . وما برح للَّه - عزّت آلاؤه - في البرهة بعد البرهة ، وفي أزمان الفترات ، عباد ناجاهم في فكرهم ، وكلَّمهم في ذات عقولهم .
فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة ، يذكَّرون بأيّام اللَّه ، ويخوّفون مقامه ، بمنزلة الأدلَّة في الفلوات . من أخذ القصد حمدوا إليه طريقه ، وبشّروه بالنّجاة ، ومن أخذ يمينا وشمالا ذمّوا إليه الطَّريق ، وحذّروه من الهلكة . وكانوا كذلك مصابيح تلك الظَّلمات ، وأدلَّة تلك الشّبهات . وإنّ للذّكر لأهلا أخذوه من الدّنيا بدلا ، فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه ، يقطعون به أيّام الحياة ، ويهتفون بالزّواجر عن محارم اللَّه في اسماع الغافلين ، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به ، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه ، فكأنّما

865

نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 865
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست