أوصيكم عباد اللَّه بتقوى اللَّه ، فإنّها الزّمام والقوام . فتمسّكوا بوثائقها واعتصموا بحقائقها . تؤل بكم إلى أكنان الدّعة وأوطان السّعة . ومعاقل الحرز ومنازل العزّ . في يوم تشخص فيه الأبصار . . . ( الخطبة 193 ، 384 ) أمّا بعد فإنّي أوصيكم بتقوى اللَّه الَّذي ابتدأ خلقكم ، وإليه يكون معادكم . وبه نجاح طلبتكم ، وإليه منتهى رغبتكم . ونحوه قصد سبيلكم ، وإليه مرامي مفزعكم . فإنّ تقوى اللَّه دواء داء قلوبكم ، وبصر عمى أفئدتكم . وشفاء مرض أجسادكم ، وصلاح فساد صدوركم . وطهور دنس أنفسكم ، وجلاء عشا أبصاركم . وأمن فزع جأشكم ، وضياء سواد ظلمتكم . فاجعلوا طاعة اللَّه شعارا دون دثاركم ، ودخيلا دون شعاركم ، ولطيفا بين أضلاعكم ، وأميرا فوق أموركم ، ومنهلا لحين ورودكم ، وشفيعا لدرك طلبتكم ، وجنّة ليوم فزعكم ، ومصابيح لبطون قبوركم ، وسكنا لطول وحشتكم ، ونفسا لكرب مواطنكم . فإنّ طاعة اللَّه حرز من متالف مكتنفة ، ومخاوف متوقّعة ، وأوار نيران موقدة . فمن أخذ بالتّقوى عزبت ( أي بعدت ) عنه الشّدائد بعد دنوّها ، واحلولت له الأمور بعد مرارتها ، وانفرجت عنه الأمواج بعد تراكمها ، وأسهلت له الصّعاب بعد إنصابها ، وهطلت عليه الكرامة بعد قحوطها وتحدّبت عليه الرّحمة بعد نفورها ، وتفجّرت عليه النّعم بعد نضوبها ، ووبلت عليه البركة بعد إرذاذها ( أي أمطرت عليه البركة بعد إن كانت تنزل رذاذا ) .فاتّقوا اللَّه الَّذي نفعكم بموعظته ، ووعظكم برسالته ، وامتنّ عليكم بنعمته . فعبّدوا أنفسكم لعبادته ، واخرجوا إليه من حقّ طاعته . ( الخطبة 196 ، 387 ) فإنّ تقوى اللَّه مفتاح سداد ، وذخيرة معاد . وعتق من كلّ ملكة ( أي عتق من رق الشهوات ) ، ونجاة من كلّ هلكة . بها ينجح الطَّالب ، وينجو الهارب ، وتنال الرّغائب . ( الخطبة 228 ، 431 ) أمره بتقوى اللَّه في سرائر أمره وخفيّات عمله . حيث لا شهيد غيره ، ولا وكيل دونه . وأمره ألَّا يعمل بشيء من طاعة اللَّه فيما ظهر فيخالف إلى غيره فيما أسرّ ، ومن لم يختلف سرّه وعلانيته ، وفعله ومقالته ، فقد أدّى الأمانة وأخلص العبادة . ( الخطبة 265 ، 463 )