نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 840
ومهافي الرّيح ، ونكد المعاش . فتركوهم عالة مساكين إخوان دبر ووبر . أذلّ الأمم دارا ، وأجدبهم قرارا . لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها ، ولا إلى ظلّ ألفة يعتمدون على عزّها . فالأحوال مضطربة ، والأيدي مختلفة ، والكثرة متفرّقة . في بلاء أزل ( الأزل هو الشدة ) ، وأطباق جهل . من بنات موؤودة ، وأصنام معبودة ، وأرحام مقطوعة ، وغارات مشنونة . فانظروا إلى مواقع نعم اللَّه عليهم حين بعث إليهم رسولا ، فعقد بملَّته طاعتهم ، وجمع على دعوته ألفتهم . كيف نشرت النّعمة عليهم جناح كرامتها ، وأسالت لهم جداول نعيمها ، والتّفّت الملَّة بهم في عوائد بركتها ، فأصبحوا في نعمتها غرقين ، وفي خضرة عيشها فكهين . قد تربّعت الأمور بهم ، في ظلّ سلطان قاهر ، وآوتهم الحال إلى كنف عزّ غالب . وتعطَّفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت . فهم حكَّام على العالمين ، وملوك في أطراف الأرضين . يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم . ويمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم . لا تغمز لهم قناة ، ولا تقرع لهم صفاة . ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطَّاعة . وثلمتم حصن اللَّه المضروب عليكم بأحكام الجاهليّة . فإنّ اللَّه سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة الَّتي ينتقلون في ظلَّها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر . ( الخطبة 190 ، 3 ، 368 ) واعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا ، وبعد الموالاة أحزابا . ما تتعلَّقون من الإسلام إلَّا باسمه ، ولا تعرفون من الإيمان إلَّا رسمه . تقولون النّار ولا العار كأنّكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه انتهاكا لحريمه ، ونقضا لميثاقه الَّذي وضعه اللَّه لكم ، حرما في أرضه وأمنا بين خلقه . وإنّكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر ، ثمّ لا جبرائيل ولا ميكائيل ولا مهاجرون ولا أنصار ينصرونكم ، إلَّا المقارعة بالسّيف حتّى يحكم اللَّه بينكم . وإنّ عندكم الأمثال من بأس اللَّه وقوارعه ، وأيّامه ووقائعه ، فلا تستبطئوا وعيده جهلا
840
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 840