نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 84
قدّر ما خلق فأحكم تقديره ، ودبّره فألطف تدبيره ، ووجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته ، ولم يقصر دون الانتهاء إلى غايته ، ولم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته ، فكيف وإنّما صدرت الأمور عن مشيئته ؟ المنشئُ أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها ، ولا قريحة غريزة أضمر عليها ، ولا تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور ، فتمّ خلقه بأمره ، وأذعن لطاعته ، وأجاب إلى دعوته ، لم يعترض دونه ريث المبطئ ، ولا أناة المتلكَّيء . فأقام من الأشياء أودها ، ونهج حدودها ، ولاءم بقدرته بين متضادّها ، ووصل أسباب قرائنها ، وفرّقها أجناسا مختلفات في الحدود والأقدار ، والغرائز والهيئات ، بدايا ( جمع بدئ أي مصنوع ) خلائق . أحكم صنعها ، وفطرها على ما أراد وابتدعها . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) وجاء في خطبة الأشباح : وقدّر الأرزاق فكثّرها وقلَّلها ، وقسّمها على الضّيق والسّعة فعدل فيها ، ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها ، وليختبر بذلك الشّكر والصّبر من غنيّها وفقيرها . ثمّ قرن بسعتها عقابيل ( أي شدائد ) فاقتها ، وبسلامتها طوارق آفاتها ، وبفرج أفراحها غصص أتراحها . وخلق الآجال فأطالها وقصّرها ، وقدّمها وأخّرها ، ووصل بالموت أسبابها ، وجعله خالجا لأشطانها ، وقاطعا لمرائر أقرانها ( أي حبالها الشديدة الفتل ) . ( 89 ، 4 ، 175 ) اللَّهمّ أنت أهل الوصف الجميل ، والتّعداد الكثير . إن تؤمّل فخير مأمول ، وإن ترج فخير مرجوّ . ( 89 ، 4 ، 177 ) الحمد للَّه النّاشر في الخلق فضله ، والباسط فيهم بالجود يده . نحمده في جميع أموره ، ونستعينه على رعاية حقوقه ، ونشهد أن لا إله غيره . ( 98 ، 193 ) الحمد للَّه المتجلَّي لخلقه بخلقه ، والظَّاهر لقلوبهم بحجّته . خلق الخلق من غير رويّة ، إذ كانت الرّويّات لا تليق إلَّا بذوي الضّمائر ، وليس بذي ضمير في نفسه . خرق علمه باطن غيب السّترات ، وأحاط بغموض عقائد السّريرات . ( 106 ، 204 ) وقال ( ع ) في بيان قدرة اللَّه وانفراده بالعظمة : كلّ شيء خاشع له ، وكلّ شيء قائم به : غنى كلّ فقير ، وعزّ كلّ ذليل ، وقوّة كلّ ضعيف ، ومفزع كلّ ملهوف . من تكلَّم
84
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 84