responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 137


ولم ترم الشّكوك بنوازعها عزيمة إيمانهم ، ولم تعترك الظَّنون على معاقد يقينهم .
ولا قدحت قادحة الإحن ( أي الحقد ) فيما بينهم ، ولا سلبتهم الحيرة ما لاق ( أي لصق ) من معرفته بضمائرهم ، وما سكن من عظمته وهيبة جلالته في أثناء صدورهم ، ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها على فكرهم . ومنهم من هو في خلق الغمام الدّلَّح ( السحاب الثقيل بالماء ) وفي عظم الجبال الشّمّخ ، وفي قترة الظَّلام الأبهم ، ومنهم من خرقت أقدامهم تخوم الأرض السّفلى ، فهي كرايات بيض قد نفذت في مخارق الهواء ، وتحتها ريح هفّافة تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية ، قد استفرغتهم أشغال عبادته ، ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته ، وقطعهم الإيقان به إلى الوله إليه ، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره قد ذاقوا حلاوة معرفته ، وشربوا بالكأس الرّويّة من محبّته ، وتمكَّنت من سويداء قلوبهم وشيجة خيفته ، فحنوا بطول الطَّاعة اعتدال طهورهم ، ولم ينفذ طول الرّغبة إليه مادّة تضرّعهم ، ولا أطلق عنهم عظيم الزّلفة ربق خشوعهم ، ولم يتولَّهم الإعجاب فيستكثروا ما سلف منهم ، ولا تركت لهم استكانة الإجلال نصيبا في تعظيم حسناتهم ، ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤوبهم ، ولم تغض رغباتهم فيخالفوا عن رجاء ربّهم ، ولم تجفّ لطول المناجاة أسلات ( أي أطراف ) ألسنتهم ، ولا ملكتهم الأشغال فتنقطع بهمس الجؤار ( أي رفع الصوت بالتضرع ) إليه أصواتهم ، ولم تختلف في مقاوم الطَّاعة مناكبهم ، ولم يثنوا إلى راحة التّقصير في أمره رقابهم . ولا تعدو على عزيمة جدّهم بلادة الغفلات ، ولا تنتضل في هممهم خدائع الشّهوات . قد اتّخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم ، ويمّموه عند انقطاع الخلق إلى المخلوقين برغبتهم ، لا يقطعون أمد غاية عبادته ، ولا يرجع بهم الاستهتار بلزوم طاعته ، إلَّا إلى موادّ من قلوبهم غير منقطعة من رجائه ومخافته ، لم تنقطع أسباب الشّفقة منهم فينوا في جدّهم ، ولم تأسرهم الأطماع فيؤثروا وشيك السّعي على اجتهادهم .
لم يستعظموا ما مضى من أعمالهم ، ولو استعظموا ذلك لنسخ الرّجاء منهم شفقات وجلهم . ولم يختلفوا في ربّهم باستحواذ الشّيطان عليهم . ولم يفرّقهم سوء التّقاطع ، ولا تولَّاهم غلّ التّحاسد . ولا تشعّبتهم

137

نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون    جلد : 1  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست