نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 425
( 147 ) سكوت الإمام ( ع ) عن حقه - صبر جميل ولكنه مرّ - تقديم الإمام ( ع ) المصلحة العامة على حقه مدخل : لم يجد الإمام علي ( ع ) لأخذ حقه الصريح مناصرا غير أهل بيته وعدة معدودة من أصحابه ، فضنّ بهم عن الموت ، وآثر السكوت عن حقه ، ولاذ بالصبر . لا بل إنه كان يداري الخلفاء الثلاثة خلال فترة خلافتهم ويقدم لهم النصائح ، حتى ظنّ أنه قد رضي عن عملهم . لقد كان منطق الإمام ( ع ) منطقا عاليا مشرّفا ، وهو تفضيل المصلحة العامة على كل شيء حتى عن حقه في الخلافة . ولقد كان هذا استجابة لأمر النبي ( ص ) ، الذي أمره بالقيام إذا اجتمع الناس عليه ، وبالقعود إذا تفرقوا عنه ، وذلك حفاظا على بيضة الاسلام وصيانة لكيان المسلمين وحفظا لوحدة الصف ، لا سيما وأن الإسلام كان غضا في أول عهده . وكثيرا ما كان ( ع ) يصرح بأنه إذا كانت التضحية منحصرة في فقده لحقه ، فهو أول المضحّين بحقهم فداء مصلحة المسلمين . ولما حثّته زوجته الزهراء ( ع ) على النهوض لأخذ حقه ، بيّن لها أنه يسكت عن حقه في سبيل أن تظل كلمة اللَّه قائمة . وقد نقل ابن أبي الحديد في شرحه الخطبة ( 22 ) ما رواه الكلبي قال : لما أراد علي ( ع ) المسير إلى البصرة قام فخطب الناس فقال : إنّ اللَّه لما قبض نبيه ( ص ) استأثرت علينا قريش بالأمر ، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة ، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم ، والناس حديثو العهد بالاسلام ، والدين يمخض مخض الوطب ، يفسده أدنى وهن ، ويعكسه أقل خلف . وإن هذا الهدف الأسمى في الحفاظ على كيان الاسلام ووحدة المسلمين ، هو الذي جعل الإمام ( ع ) يبايع أبا بكر بعد وفاة فاطمة ( ع ) ، وقد ألمح إلى ذلك بقوله لمعاوية : وقلت إنّي كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع . . .
425
نام کتاب : تصنيف نهج البلاغة نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 425