فاعرض الشك [1] وعرف الحق واتبع الظن ، اشبهت محنة هارون إذ امره موسى على قومه [2] فتفرقوا عنه ، وهارون يناديهم : * ( يا قوم إنما فتنتم به وان ربكم الرحمان فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ) * [3] . وكذلك أنت لما رفعت المصاحف قلت : يا قوم إنما فتنتم بها وخدعتم ، فعصوك وخالفوا عليك ، واستدعوا نصب الحكمين ، فأبيت عليهم ، وتبرأت إلى الله من فعلهم وفوضته إليهم . فلما أسفر [4] الحق وسفه [5] المنكر ، واعترفوا بالزلل والجور عن القصد [6] واختلفوا من بعده ، وألزموك على سفه [7] التحكيم الذي أبيته ، وأحبوه وحظرته ، وأباحوا ذنبهم الذي اقترفوه [8] . وأنت على نهج بصيرة وهدي ، وهم على سنن ضلالة وعمى ، فما زالوا على النفاق مصرين ، وفي الغي مترددين ، حتى أذاقهم الله وبال
[1] - اعرض الشك : تحرك وسعى في اضلال الناس أو ظهر ، عن الجوهري : اعرض فلان اي ذهب عرضا وطولا وعرضت الشئ فاعرض اي أظهرته فظهر . [2] - في الأصل : إذ امره السامري على قومه بالعجل ، ما أثبتناه من سائر المصادر . [3] - طه : 90 - 91 . [4] - أسفر الصبح : أضاء واشرق . [5] - سفه المنكر - كعلم - اي ظهر سفهه وبطلانه . [6] - القصد : استقامة الطريق ، والجور : الميل عن القصد . [7] - السفه : الجهل . [8] - اقترف : اكتسب .