يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين " [1] . وهكذا احتجاجات إبراهيم عليه السلام مع قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام والأوثان ، حتى استدل لهم بالكواكب التي كانوا يعبدونها [2] ، وأقام لهم الحجة والبرهان القاطع ، وقد استخدم في استدلاله عليه السلام الشئ المحسوس ، ثم هداهم إلى منطق العقل ، لكن فريقا منهم استحب العمى بدل الهدى ، ثم سبحانه وتعالى أشار إلى تلك المحاججة - بين إبراهيم وقومه - فقال عز من قائل : " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم " [3] . وقد أشار الامام صلوات الله عليه إلى ذلك بقوله في ذيل الحديث هذا : " والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى " . أما غلط الحواس أو شكها إنما يكون لسبب من الأسباب ، قال ملا صدرا : " ومعنى شك الحواس أو غلطها أن العقل أو الوهم المشوب بالحس ليشك أو يغلط بسبب من الأسباب ، ثم يعلم النفس بقوة العقل ما هو الحق لتيقن ، كما يرى البصر العظيم صغيرا لبعده ، والصغير كبيرا لقربه ، والواحد اثنين لحول العين ، والشجرة التي في طرف الحوض منكوسة لانعكاس شعاع البصر من الماء إليها . . . ، فهذا وأمثالها أغلاط حسية تعرف القلب حقيقة الامر فيها ، والمراد منه كما علمت هو اللطيفة النورانية المتعلقة أول تعلقها بهذا القلب الصنوبري ، ونسبته إلى أعضاء الحس والحركة كنسبة النفس إلى قوى الحس والحركة ، في أنه ينبعث منه الدم والروح البخاري إلى سائر الأعضاء ، فالنفس رئيس القوى وإمامها ، والقلب - وهو
[1] سورة البقرة : 258 . [2] انظر سورة الأنعام : 74 - 83 . [3] الانعام : 83 .