عم المنصور ، بنى له قصرا عند مصب نهر الرفيل المتفرع من دجلة ، وكان في غاية الحسن والجمال والدقة في الهندسة والسعة ، بحيث دخله المنصور مع أربعة آلاف رجل فاتسع لهم القصر . أما البرامكة فواضح الترف والاسراف عندهم ، حتى قيل : ان جعفرا البرمكي أنفق على بناء قصره عشرين مليون درهم . أما طعام أصحاب القصور من الخلفاء والامراء والوزراء والقواد فقد سجل لنا التاريخ صورة حية عن مظاهر البذخ والاسراف في قصور هؤلاء ، ففي سيرة الرشيد قيل : ان الطهاة كانوا يطهون له ثلاثين لونا في اليوم ، وكان ينفق على طعامه عشرة آلاف درهم في اليوم . وفي يوم زفاف الرشيد على زبيدة أقيمت له وليمة في قصره ، بذل عليها ( 55 ) ألف درهم . أما المأمون فكان ينفق على طعامه يوميا ستة آلاف دينار ( 1 ) . ثم سرى الترف إلى الملبس والزينة والتجميل ، وطغى هذا اللون من الترف على النساء ، بالخصوص نساء وجواري الخلفاء ومواليهم . فزبيدة زوجة الرشيد تفننت في اتخاذ المناطق والنعال المرصعة بالجواهر ، وكانت تسرف في شراء ملابسها وتزينها ، حتى أنها اتخذت ثوبا من الوشي الرفيع ، يزيد ثمنه على خمسين ألف دينار ( 2 ) . من جراء هذا الترف والاسراف من قبل الطبقة الحاكمة والمتنفذة أن ظهرت الطبقية واضحة في المجتمع ، وتمايزت الطبقة البرجوازية الأرستقراطية عن باقي
( 1 ) الفخري في الآداب السلطانية لابن طباطبا : ص 207 ، القاهرة 1923 . ( 2 ) العالم الاسلامي في العصر العباسي : ص 225 .