والمجموعة الثانية ، معتزلة أهل بغداد الذين يقولون بوجوب نصب الإمام على الأمة بحكم العقل . وأقرب هذه الآراء إلى الشيعة الإمامية هم معتزلة أهل البصرة ، على أن الامامية تقول بوجوب نصب الإمام على الله بحكم العقل والشرع ، ثم اختيار الإمام من قبل الله سبحانه هو من باب اللطف ، واللطف واجب على الله سبحانه . معتقدات المعتزلة في التوحيد : نفت المعتزلة الصفات عن الله سبحانه ، وذلك للتوحيد المطلق ، وهذا القول لواصل بن عطاء زعيم مدرسة الاعتزال ومؤسسها ، وقد أراد بذلك رد أقانيم النصارى ، وفي رأيه من أثبت معنى وصفة قديمة فقد أثبت إلهين ، ورد المعتزلة الصفات الأزلية لاعتبارات ذهنية [1] للذات . وحجتهم في ذلك أن الحوادث المتغيرة لا يمكن أن تتصف به ، ولو اتصف بها بعد أن لم يتصف لتغير ، والتغير دليل الحدوث ، وهذا لا يصدق على الباري . فمثلا يقولون : إن العلم لا يجوز ان تقول عنه صفة قائمة بذاته تعالى ، لأنه إما أن تكون هذه الصفة أزلية كالذات ، وإما أن تكون حادثة . وإذا كانت أزلية فكيف يمكن أن تحل في الذات ؟ وإذا حلت فيه صار هناك أزليان ، وهذا لا يعقل .
[1] أنكر المعتزلة كل الصفات ، سواء كانت حقيقية أم قديمة أم متميزة عن الجوهر ، وقالوا : هي مجرد اعتبارات ذهنية ، بل أنهم قالوا : هي نفس الجوهر . ثم يقولون : لما كانت الذات الإلهية ذاتا واحدة غير منقسمة ، ونحن غير قادرين على إدراكها ، تصورنا فيها هذه الاعتبارات الذهنية ، وهي الصفات ، وكل ما يطلقونه من الصفات إنما يجعلونها أوجه لذات واحدة بسيطة ، لا قسمة فيها ولا كثرة ولا تركيب .