نام کتاب : العلم والحكمة في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 26
وقال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في هذا النور وأهم خواصه التي هي إيصال الإنسان إلى المقصد الأعلى للإنسانية : " في وصف السالك الطريق إلى الله " : قد أحيا عقله ، وأمات نفسه ، حتى دق جليله ، ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق ، فأبان له الطريق ، وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ، ودار الإقامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه ، وأرضى ربه " [1] . إن الآيات والأحاديث التي تعد نورانية الإنسان مقدمة لحركته الصحيحة في المجتمع تلقاء الكمال المطلق ، أو تفسر العلم بالنور ، أو ترى أن العلم ملازم للإيمان بالله ورسالة الأنبياء ، مقترنا بالصفات المرضية والأعمال الصالحة ، إنما توضح في الحقيقة جوهر العلم وحقيقته . ودليلنا على أن هذا النور هو لب العلم ، وجميع العلوم الرسمية قشر له ، هو أن قيمة العلوم المذكورة مرتبطة به . إن جوهر العلم هو الذي يهب العلم قيمة حقيقية ، أي يجعله في خدمة الإنسان وتكامله وسعادته . وبغيره لا يفقد العلم مزاياه وآثاره فحسب ، بل يتحول إلى عنصر مضاد للقيم الإنسانية . ولهذا نقول إن قيمة جوهر العلم مطلقة ، وقيمة العلوم الرسمية مشروطة . وشرط قيمتها أن تكون في خدمة الإنسان . ولا يمكنها أن تصب في خدمته إذا جردت من جوهر العلم . بل إنها ربما استخدمت ضد الإنسان . النقطة المهمة اللافتة للنظر هي أن العلم عندما يفقد جوهره وخاصيته ، فلا يساوي الجهل فحسب ، بل يكون أشد ضررا منه ، إذا يعجل في حركة الإنسان نحو السقوط والانحطاط .