نام کتاب : العقل والجهل في الكتاب والسنة نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 23
الأساسي للحياة العقلية للإنسان بمدى فاعلية القوة العاقلة لديه بما تعنيه من وازع أخلاقي . وهذا واحد من الغايات الأساسية الكامنة وراء بعثة الأنبياء . وهذا ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عند بيانه للحكمة من وراء بعثة الأنبياء في قوله : " ويثيروا لهم دفائن العقول " [1] . إن الانسان قادر بطبيعته على تفعيل فكره لكشف أسرار الطبيعة ، غير أن إحياء العقل لمعرفة الكمال المطلق والتخطيط في سبيل الانطلاق على مسار الغاية العليا للإنسانية لا يتيسر إلا للأنبياء . وكل ما ورد في الكتاب والسنة عن العقل والجهل وعن صفات العقل وخصائصه وآثاره وأحكامه إنما يختص بهذا المعنى من معاني العقل . وحينما يبلغ الانسان أسمى مراتب الحياة العقلية في ضوء تعاليم الأنبياء ، تتبلور لديه معرفة وبصيرة لا يجد الخطأ إليها سبيلا ، وتبقى ملازمة له إلى حين بلوغه ذروة الكمال الإنساني . وفي هذا المعنى قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " قد أحيا عقله ، وأمات نفسه ، حتى دق جليله ، ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق ، فأبان له الطريق ، وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ومنزل الإقامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة بما استعمل قلبه وأرضى ربه " [2] . وبناء على هذا ، وانطلاقا من التعريف الذي أوردناه في كتاب " العلم والحكمة في الكتاب والسنة " في معنى العلم الحقيقي والحكمة الحقيقية ، يتضح لدينا أن النصوص الإسلامية طرحت ثلاث مفردات هي : العلم والحكمة والعقل ، للتعبير عن قوة نورانية باطنية بناءة في وجود الانسان . وهذه القوة تسمى ب " نور العلم " من حيث إنها تقود الانسان إلى التكامل المادي والمعنوي ، وتسمى ب " الحكمة الحقيقية "