نام کتاب : العقد النضيد والدر الفريد نویسنده : محمد بن الحسن القمي جلد : 1 صفحه : 169
مثل الذي كنّا نعرف ، وظننّا أنّ عليّاً سيرجع كما رجع صاحباه . فالتفت [ عليّ ( عليه السلام ) ] إلينا وقال : " اتّبعوا أثري ولا يفزعنّكم ما ترون [ وتسمعون ] ؛ فليس بضائركم إن شاء الله تعالى " . ومرّ لا يلتفت ولا يأوي على أحد حتّى دخل بنا الشجر ، فإذا بنيران تضطرم بغير حطب ، وبرؤوس قد قطعت لها ضجّة ، ولألسنتها جلجلة شديدة وأصوات هائلة ، فوالله لقد أحسست برأسي قد انصرفت قمرته ووقعت شعرته ، ورجف قلبي حتّى لا أملك نفسي ، وعليٌّ يتخطّى تلك الرؤوس ويقول : " اتّبعوني ولا خوف عليكم ، ولا يلتفت أحد منكم يميناً وشمالا " . فجعلنا نتلو أثره حتّى جاوزنا الشجر ووردنا الماء ، فاستقت السقاة ؛ ومعنا دلو واحد ، فأدلى البراء بن عازب [ الدلو ] في البئر فاستقى دلواً أو دلوين ، ثمّ انقطع الدلو فوقع في القليب ، والقليب ضيّق مظلم بعيد القعر ، فسمعنا في أسفل القليب قهقهة وضحكاً شديداً [ . . . ] . فقال عليٌّ ( عليه السلام ) : " من يرجع إلى عسكرنا فيأتينا بدلو ورشاً ؟ " . فقال أصحابه : ومن يستطيع أن يتجاوز الشجر مع ما رأينا وسمعنا ؟ ! قال عليٌّ ( عليه السلام ) : " إنّي نازل في القليب ، فإذا نزلت فدلّوا إليّ قربكم " . ثمّ ائتز بمئزر ونزل في القليب ، وما تزداد القهقة إلاّ علوّاً ، فوالذي نفس محمّد بيده ، إنّه لينزل وما فينا أحد إلاّ عضداه يهتزّان رعباً ، وجعل ينحدر في مراقي القليب إذ زلّت رجله فسقط في القليب ، فسمعنا وجبةً شديدة ازددنا [ لها ] رعباً ، ونَسمع اضطراباً شديداً وغطيطاً كغطيط ( 1 ) المخنوق . ثمّ نادى عليٌّ : " الله أكبر ، الله أكبر ، أنا عبد الله وأخو رسوله ، هلمّوا قربكم " ، فدلّيناها إليه فأفعمها ( 2 ) وعصبها في القليب ثمّ أصعدها على عنقه شيئاً فشيئاً عن آخرها ، ثمّ حمل قربتين وحملنا نحن قربة ، ومرّ بين أيدينا ولا يكلّمنا ولا نكلّمه ولا يذكر لنا شيئاً إلاّ أنّا نسمع همهمة ، حتّى إذا صرنا بموضع الشجر فلم نرَ ممّا رأينا شيئاً ولا سمعنا ممّا كنا نسمع ، حتّى إذا كدنا أن نجاوز
1 . الغطيط : النخير . 2 . أفعم الإناء : ملأه .
169
نام کتاب : العقد النضيد والدر الفريد نویسنده : محمد بن الحسن القمي جلد : 1 صفحه : 169