يكون الأمر لنا بعدك فقال صلى الله عليه وآله الأمر لله إن شاء كان فيكم ، أو في غيركم . وروى الماوردي في أعلام النبوة أن عامر بن الطفيل قال للنبي صلى الله عليه وآله ما لي إن أسلمت ؟ فقال صلى الله عليه وآله : ما للمسلمين ، قال : ألا تجعلني الوالي بعدك ؟ قال : ليس ذلك لك ولا لقومك . فدل هذان الحديثان [1] وتانك الآيتان بتفسيرهم على المنع من الاختيار وقد قال سبحانه وتعالى : ( تؤتي الملك من تشاء ، ويؤتي الحكمة من يشاء ، والله يزكي من يشاء ، أهم يقسمون رحمة ربك ، نرفع درجات من نشاء [2] ) وفي الاختيار تقديم بين يدي الله ورسوله ، فهو دخول في نهي كتابه ( 2 ) . إن قالوا : الاختيار من قضاء الله سبحانه لنفي أفعال العباد ، قلنا : نمنع ذلك و قد بيناه في باب إبطال الاجبار ، على أن نفي الاختيار في الآية مشروط بقضاء الله و رسوله ، ولو انتفى فعل العباد ، لزم العبث في الاشتراط . إن قالوا : في الآية الجمع بين قضاء الله ورسوله : وعندنا أن الرسول لم يقض لأنه لم يوص ، فإلينا الاختيار ، لأنه لم يوجد مجموع الشرط . قلنا : ليس هنا قضاءان لأن قضاء الله هو قضاء رسوله لعموم ( وما ينطق عن الهوى ( 4 ) . إن قالوا : نمنع الاتحاد ، لأن الله قضى بأشياء ولم يقض بها النبي والآية دلت على أن قضاء النبي قضاء الله دون العكس . قلنا : بل هما متحدان هنا لأن الإمامة إن قضى بها دون النبي لزمه أن يصل إلى الأمة لا على يد النبي ، وهو محال ولأن سلم كونه غيره ، جاز كون الواو في الآية بمعنى أو ، مثل : ( مثنى وثلاث و رباع ( 5 ) ) . وكيف يتم لكم أن للرسول قضاء وقد نفيتم أفعال العباد وقد قال
[1] هذا على أن الحديثين ، خ . [2] آل عمران : 26 . البقرة 269 . النساء : 48 . الزخرف : 32 . الأنعام : 83 . ( 3 ) حيث يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله . الحجرات : 1 . ( 4 ) النجم : 5 . ( 5 ) النساء : 4 .