وفقت في الرأي وأصبت في القول ولن نعدو ما أمرت ، نوليك هذا الأمر ، فأنت لنا مقنع ولصالح المؤمنين رضى " . ثم إنهم ترادوا الكلام فيما إذا أبت المهاجرين من قريش بيعتهم ، فقالت طائفة : " إذن نقول منا أمير ومنكم أمير " . فقال سعد : " هذا أول الوهن " وقد سبقت الإشارة إليه . وفي الحقيقة أنه أول الوهن وتنازل منهم عرفنا فيما سبق دلالته على مبلغ ضعف إرادتهم أمام إرادة قريش حتى قبل مواجهتهم ، بل يدل أيضا على تخلخل صفوفهم ووجود خلاف كامن كمون النار في الرماد ، فلم يتأثروا بدعوة سعد ، وأبطأوا عليه حتى داهمهم المهاجرون ، وهم إنما أسرعوا إلى عقد هذا الاجتماع ليسبقوا الحوادث ، وإلا فقد كانت الفرصة الكافية لبيعته من قبل أن يعلم جماعة المهاجرون باجتماعهم فتكبسه عليهم . لولا أنهم أضاعوها باختلافهم وتباطؤهم حتى مضى الوقت . ومثل هذه الأمور - بعرف الساسة - لا تقبل الأناة والإبطاء . والحق أن الأوس كانوا غير مرتاحين لبيعة سعد ، وهم يتنافسون مع الخزرج في أتفه الأشياء وأدناها ، وكأنهم كانوا لا يريدون أن يبدأوها بالخلاف خشية أن يقال : " أوس وخزرج " ، وفي هذه الكلمة ما فيها من معان لا تتفق وروحية الإسلام ، فيبتعدون عنها ما استطاعوا على أن المجاملة محفوظة