واقْتَدَى فَاحْتَذَى ، وأُرِيَ فَرَأَى ، فَأَسْرَعَ طَالِباً ، ونَجَا هَارِباً ، فَأَفَادَ ذَخِيرَةً ، وأَطَابَ سَرِيرَةً ، وعَمَّرَ مَعَاداً ، واسْتَظْهَرَ زَاداً ، لِيَوْمِ رَحِيلِهِ ووَجْهِ سَبِيلِهِ ، وحَالِ حَاجَتِهِ ، ومَوْطِنِ فَاقَتِهِ ، وقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ .فَاتَّقُوا اللَّهً عِبَادَ اللَّهِ جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ ، واحْذَرُوا مِنْهُ كُنْهً مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ ، واسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ ، والْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ .فَاتَّقُوا اللَّهً عِبَادَ اللَّهِ تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ ، وأَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ ، وأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ ، وأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ ، وظَلَفَ الزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ ، وأَوْجَفَ الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ ، وقَدَّمَ الْخَوْفَ لأَمَانِهِ ، وتَنَكَّبَ الْمَخَالِجَ عَنْ وَضَحِ السَّبِيلِ ، وسَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ ، ولَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلَاتُ الْغُرُورِ ، ولَمْ تَعْمَ عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ الأُمُورِ ، ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرَى ، ورَاحَةِ النُّعْمَى ، فِي أَنْعَمِ نَوْمِهِ ، وآمَنِ يَوْمِهِ . وقَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ حَمِيداً ، وقَدَّمَ زَادَ الآْجِلَةِ سَعِيداً ، وبَادَرَ مِنْ وَجَلٍ ، وأَكْمَشَ فِي مَهَلٍ ، ورَغِبَ فِي طَلَبٍ ، وذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ ، ورَاقَبَ فِي يَوْمِهِ غَدَهُ ، ونَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ فَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً ونَوَالاً ، وكَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً ووَبَالاً