وأَسْمِعُوا دَعْوَةَ الْمَوْتِ آذَانَكُمْ قَبْلَ أَنْ يُدْعَى بِكُمْ . إِنَّ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا تَبْكِي قُلُوبُهُمْ وإِنْ ضَحِكُوا ، ويَشْتَدُّ حُزْنُهُمْ وإِنْ فَرِحُوا ، ويَكْثُرُ مَقْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ وإِنِ اغْتَبَطُوا بِمَا رُزِقُوا . قَدْ غَابَ عَنْ قُلُوبِكُمْ ذِكْرُ الآْجَالِ ، وحَضَرَتْكُمْ كَوَاذِبُ الآْمَالِ ، فَصَارَتِ الدُّنْيَا أَمْلَكَ بِكُمْ مِنَ الآْخِرَةِ ، والْعَاجِلَةُ أَذْهَبَ بِكُمْ مِنَ الآْجِلَةِ ، وإِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ ، مَا فَرَّقَ بَيْنَكُمْ إِلَّا خُبْثُ السَّرَائِرِ ، وسُوءُ الضَّمَائِرِ . فَلَا تَوَازَرُونَ ولَا تَنَاصَحُونَ ، ولَا تَبَاذَلُونَ ولَا تَوَادُّونَ . مَا بَالُكُمْ تَفْرَحُونَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الدُّنْيَا تُدْرِكُونَهُ ، ولَا يَحْزُنُكُمُ الْكَثِيرُ مِنَ الآْخِرَةِ تُحْرَمُونَهُ ويُقْلِقُكُمُ الْيَسِيرُ مِنَ الدُّنْيَا يَفُوتُكُمْ ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِكُمْ .وقِلَّةِ صَبْرِكُمْ عَمَّا زُوِيَ مِنْهَا عَنْكُمْ كَأَنَّهَا دَارُ مُقَامِكُمْ ، وكَأَنَّ مَتَاعَهَا بَاقٍ عَلَيْكُمْ . ومَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَخَاهُ بِمَا يَخَافُ مِنْ عَيْبِهِ ، إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ بِمِثْلِهِ . قَدْ تَصَافَيْتُمْ عَلَى رَفْضِ الآْجِلِ وحُبِّ الْعَاجِلِ ، وصَارَ دِينُ أَحَدِكُمْ لُعْقَةً عَلَى لِسَانِهِ ، صَنِيعَ مَنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ ، وأَحْرَزَ رِضَى سَيِّدِهِ .« خطبة » 114 / 113 ثُمَّ إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وعَنَاءٍ ، وغِيَرٍ وعِبَرٍ فَمِنَ الْفَنَاءِ أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ ، لَا تُخْطِئُ سِهَامُهُ ، ولَا تُؤْسَى جِرَاحُهُ . يَرْمِي الْحَيَّ بِالْمَوْتِ ، والصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ ، والنَّاجِيَ بِالْعَطَبِ .آكِلٌ لَا يَشْبَعُ ، وشَارِبٌ لَا يَنْقَعُ . ومِنَ الْعَنَاءِ أَنَّ الْمَرْءَ يَجْمَعُ مَا لَا