عَقْلَهُ ، وأَمَاتَتِ الدُّنْيَا قَلْبَهُ ، ووَلِهَتْ عَلَيْهَا نَفْسُهُ ، فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا ، ولِمَنْ فِي يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا ، حَيْثُمَا زَالَتْ زَالَ إِلَيْهَا ، وحَيْثُمَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَيْهَا لَا يَنْزَجِرُ مِنَ اللَّهِ بِزَاجِرٍ ، ولَا يَتَّعِظُ مِنْهُ بِوَاعِظٍ ، وهُوَ يَرَى الْمَأْخُوذِينَ عَلَى الْغِرَّةِ ، حَيْثُ لَا إِقَالَةَ ولَا رَجْعَةَ ، كَيْفَ نَزَلَ بِهِمْ مَا كَانُوا يَجْهَلُونَ ، وجَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا مَا كَانُوا يَأْمَنُونَ ، وقَدِمُوا مِنَ الآْخِرَةِ عَلَى مَا كَانُوا يُوعَدُونَ . فَغَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِمْ :السِّدْرِ الْمَخْضُودِ ، وحَلَالُهَا بَعِيداً غَيْرَ مَوْجُودٍ .« خطبة » 109 / 108 ومَا أَحْقَرَ ذَلِكَ فِيمَا غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ ومَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنْيَا ، ومَا أَصْغَرَهَا فِي نِعَمِ الآْخِرَةِ قَدْ حَقَّرَ الدُّنْيَا وصَغَّرَهَا ، وأَهْوَنَ بِهَا وهَوَّنَهَا ، وعَلِمَ أَنَّ اللَّهً زَوَاهَا عَنْهُ اخْتِيَاراً ، وبَسَطَهَا لِغَيْرِهِ احْتِقَاراً ، فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ ، وأَمَاتَ ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِهِ ، وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ ، لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً ، أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مَقَاماً .« خطبة » 111 / 110 في ذم الدنيا أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا ، فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ ، وتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ ، ورَاقَتْ بِالْقَلِيلِ ، وتَحَلَّتْ بِالآمَالِ ، وتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ . لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا ، ولَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا . غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ ،