قَبْلَ مَنِيَّتِهِ أَلَا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِهِ أَلَا وإِنَّكُمْ فِي أَيَّامِ أَمَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ فَمَنْ عَمِلَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ نَفَعَهُ عَمَلُهُ ، ولَمْ يَضْرُرْهُ أَجَلُهُ . ومَنْ قَصَّرَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ ، فَقَدْ خَسِرَ عَمَلُهُ ، وضَرَّهُ أَجَلُهُ . أَلَا فَاعْمَلُوا فِي الرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ فِي الرَّهْبَةِ ، أَلَا وإِنِّي لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا ، ولَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا ، أَلَا وإِنَّهُ مَنْ لَا يَنْفَعُهُ الْحَقُّ يَضُرُّهُ الْبَاطِلُ ، ومَنْ لَا يَسْتَقِيمُ بِهِ الْهُدَى ، يَجُرُّ بِهِ الضَّلَالُ إِلَى الرَّدَى . أَلَا وإِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ ، ودُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ وإِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَانِ : اتِّبَاعُ الْهَوَى ، وطُولُ الأَمَلِ ، فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تَحْرُزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً .« خطبة » 32 / 32 وفيها يصف زمانه بالجور ، ويقسم الناس فيه خمسة أصناف ، ثم يزهد في الدنيا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِي دَهْرٍ عَنُودٍ ، وزَمَنٍ كَنُودٍ ، يُعَدُّ فِيهِ الْمُحْسِنُ مُسِيئاً ، ويَزْدَادُ الظَّالِمُ فِيهِ عُتُوّاً ، لَا نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا ولَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا ، ولَا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّى تَحُلَّ بِنَا .أصناف المسيئين والنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ : مِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُهُ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَهَانَةُ نَفْسِهِ ، وكَلَالَةُ حَدِّهِ ، ونَضِيضُ وَفْرِهِ ، ومِنْهُمْ الْمُصْلِتُ لِسَيْفِهِ ، والْمُعْلِنُ بِشَرِّهِ ، والْمُجْلِبُ بِخَيْلِهِ ورَجِلِهِ ، قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ ، وأَوْبَقَ دِينَهُ لِحُطَامٍ يَنْتَهِزُهُ ، أَوْ مِقْنَبٍ