الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ ، فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً رَثًّا مِنْ رَأْيِهِ ، ثُمَّ قَطَعَ بِهِ ، فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ : لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ ، وإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ . جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ ، عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ ، لَمْ يَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ . يَذْرُو الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ .لَا مَلِيٌّ - واللَّهِ - بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ ، ولَا أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِهِ ، لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ ، ولَا يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ ، وإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ ، تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ ، وتَعَجُّ مِنْهُ الْمَوَارِيثُ . إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً ، ويَمُوتُونَ ضُلَّالاً ، لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ، ولَا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً ولَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، ولَا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ ، ولَا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَرِ « خطبة » 28 / 28 أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ الدُّنْيَا أَدْبَرَتْ ، وآذَنَتْ بِوَدَاعٍ ، وإِنَّ الآْخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وأَشْرَفَتْ بِاطِّلَاعٍ ، أَلَا وإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارَ ، وغَداً السِّبَاقَ ، والسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ ، والْغَايَةُ النَّارُ أَفَلَا تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ