التحريف ووجوب جعل الموضوعية لنصوص الثقافة الإسلامية إن الأيادي الأثيمة الملطخة بالخيانة تعمل بجد ونشاط لتحريف الحقائق الإنسانية وقلبها في كل بقعة من البقاع ، والدين الإسلامي بثقافته لم يسلم من هذه الفجائع والخيانة الثقافية ، ويسكن ذكر دوافع مختلفه كأنه لها الأثر العميق في تحريف الحقائق والمصطلحات الإسلامية .
إن الدولة الأموية وعلماءها كانت من السلطات الكبيرة التي أخذت على عاتقها تحريف الموضوعات والقضايا الإسلامية ، ومن مختلقاتهم تحريف مفاهيم الجبر والاختيار ، والقضاء والقدر ، التي فقدت ماهيتها الأصلية ، وأبادت الأمم على هذه القضايا . وقام بعدهم جهاز الدولة العباسية بتحريف حقائق أخرى في الممالك الإسلامية ، من قبيل الموضوعات الكلامية والتوحيدية . فتارة يتخذون الاعتزال أسلوبا . وأخرى يكونون أشعريين ، وبالجملة أنهم كانوا يتقلبون بمقتضى سياسة العصر ، ثم جاء دور القسيسين وأجهزة الكنيسة في أوروبا خلال القرون الوسطى ، وهم من جملة المحرفين أيضا ، والمستشرقون والمتخصصون بمعرفة الإسلام من الأجانب يمكن اعتبارهم من الذين حرفوا الحقائق الإسلامية بأعمالهم ومؤلفاتهم ؛ تارة يتألمون عن اللا دينية وعواملهم ويتكلمون حولها بزفرة وحسرة ! ! ولكننا نقول لهم : إننا نشاهد ما هو أفجع من ذلك وأجلب للحسرة ، ويجب أن لا نغفل عنه ، والفاجعة المؤسفة هي هؤلاء المتدينون الذين يدعون الدفاع عن الحق في لباس الباطل والتحريف ! ولو نظرتم لما جرى على القرآن الكريم عند الشعوب الإسلامية ، أين ترونه ؟ هل ترونه في التقنين أو في المقابر ؟ ! كيف ترون مدرسة الشيعة العظيمة أو قادتهم ، أو منزلتهم الخاصة ؟ هل الغرض من حب على ( ع ) وولايته هو ما نتلاعب به ؟ هل أن ملحمة الغدير هي هذه ؟ وهل أن سر نهضة عاشوراء وثورته هو ما نقوم به في عدد من الأيام باللطم على الصدور والرؤوس ؟ وهل كانت هذه نتيجة الثورة العلوية والحسينية ؟

57