تأسيس الدولة الإسلامية في شبه جزيرة العرب نموذج لهذه الفلسفة وبناء الفرد والنفس ، وتهذيب المجتمع والأفراد من المفاسد .
والإمام أمير المؤمنين ( ع ) في حياة رسول الله ( ص ) وبعده ، وفى صدر الدولة الإسلامية أيضا أفضل نموذج لنا بحيث لا نحتاج معه إلى بيان وإيضاح والإمام الحسن ( ع ) والحسين ( ع ) ابنا على ( ع ) وكذلك سائر الأئمة الأطهار ( ع ) قد عاشوا تبعا لهذه الفلسفة ، وما تركوه من علم وسيرة دليل على هذا الأسلوب من التفكير .
وكذلك شيعتهم الحقيقيون كانوا ولا زالوا كذلك .
وخلاصة القول فإن بناء النفس وبعبارة أكمل ، التحلي بمكارم الأخلاق وتهذيب النفس وتغيير المجتمع وتطهيره من الجنايات والجناة ، وإقامة العدالة الاجتماعية ، هو طريق المدارس الإلهية ولا سيما الشيعة [1] . ونقول أيضا إن تجزئه هذين الاثنين غير مقبول لدى الشيعة نهائيا .
ولو نظرت إلى نهج البلاغة لرأيت هذا اللون من التفكير بوضوح أيضا ، تعرض تارة في عبارة واحدة ، وأخرى في إحدى الخطب أو الرسائل ، ولم تكن متضادة أبدا ، بل تكون متلازمة دائما [2] ولما كان هذا الكتاب قد وضع على قاعدة موضوعية « نهج البلاغة » ، لا أرى وجوب توضيح في موضوعات البحث في هذه المجموعة : « نهج البلاغة » ومن الممكن لكل فرد منكم مراجعة فهارسه المختلفة ليتضح له موضوعات الكتاب وبحوثه .

[1] ويجب الانتباه إلى أن الغرض من الشيعة هم الإمامية الإثنا عشرية ، لأن كلمة الشيعة تطلق على عدد من الفرق الإسلامية الأخرى التي لكل منها نواقصها المشهودة ، ولا يمكن أن يتخذ من أحدها مصداقا حقيقيا كليا للإسلام .
[2] أنظر مقدمة الشريف الرضى جامع نهج البلاغة .

56