فَاصْبِرُوا حَتَّى يَهْدَأَ النَّاسُ ، وتَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا ، وتُؤْخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَةً فَاهْدَءُوا عَنِّي ، وانْظُرُوا مَا ذَا يَأْتِيكُمْ بِهِ أَمْرِي ، ولَا تَفْعَلُوا فَعْلَةً تُضَعْضِعُ قُوَّةً ، وتُسْقِطُ مُنَّةً ، وتُورِثُ وَهْناً وذِلَّةً .وسَأُمْسِكُ الأَمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ . وإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَآخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ .« ومن كلام له عليه السلام » 174 / 173 وقد قاله حين بلغه خروج طلحة والزبير إلى البصرة لقتاله قَدْ كُنْتُ ومَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ ، ولَا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ وأَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَنِي رَبِّي مِنَ النَّصْرِ . واللَّهِ مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ إِلَّا خَوْفاً مِنْ أَنْ يُطَالَبَ بِدَمِهِ ، لأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ ، ولَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهُ ، فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيهِ لِيَلْتَبِسَ الأَمْرُ ويَقَعَ الشَّكُّ . ووَاللَّهِ مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ : لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً - كَمَا كَانَ يَزْعُمُ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ قَاتِلِيهِ ، وأَنْ يُنَابِذَ نَاصِرِيهِ . ولَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِينَ عَنْهُ ، والْمُعَذِّرِينَ فِيهِ . ولَئِنْ كَانَ فِي شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَيْنِ ، لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِلَهُ ويَرْكُدَ جَانِباً ، ويَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ ، فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلَاثِ ، وجَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ يُعْرَفْ بَابُهُ ، ولَمْ تَسْلَمْ مَعَاذِيرُهُ .