إِنَّ اللَّهً سُبْحَانَهُ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخْيِيراً ، ونَهَاهُمْ تَحْذِيراً ، وكَلَّفَ يَسِيراً ، ولَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً ، وأَعْطَى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيراً ولَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً ، ولَمْ يُطَعْ مُكْرِهاً ، ولَمْ يُرْسِلِ الأَنْبِيَاءَ لَعِباً ، ولَمْ يُنْزِلِ الْكُتُبَ لِلْعِبَادِ عَبَثاً ، ولَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ ومَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً : « ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ » .« الحكمة وقصارى الكلام » 96 / 92 وقَالَ عليه السلام : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالأَنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ ، ثُمَّ تَلَا « إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا » الآيَةَ .« خطبة » 192 / 233 فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وبَنِي إِسْحَاقَ وبَنِي إِسْرَائِيلَ عليهم السلام . فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الأَحْوَالِ ، وأَقْرَبَ اشْتِبَاهً الأَمْثَالِ تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وتَفَرُّقِهِمْ ، لَيَالِيَ كَانَتِ الأَكَاسِرَةُ والْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ ، يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِيفِ الآفَاقِ ، وبَحْرِ الْعِرَاقِ ، وخُضْرَةِ الدُّنْيَا ، إِلَى مَنَابِتِ الشِّيحِ ، ومَهَافِي الرِّيحِ ، ونَكَدِ الْمَعَاشِ ، فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ ووَبَرٍ ، أَذَلَّ الأُمَمِ دَاراً ، وأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً ، لَا يَأْوُونَ إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا ، ولَا إِلَى ظِلِّ أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا . فَالأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ ، والأَيْدِي مُخْتَلِفَةٌ ، والْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي بَلَاءِ أَزْلٍ ،