وأَطْبَاقِ جَهْلٍ مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ ، وأَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ ، وأَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ ، وغَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ .فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً ، فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ ، وجَمَعَ عَلَى دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ : كَيْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا ، وأَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِيمِهَا ، والْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا ، فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ ، وفِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ . قَدْ تَرَبَّعَتِ الأُمُورُ بِهِمْ ، فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ ، وآوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ ، وتَعَطَّفَتِ الأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ ، ومُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الأَرَضِينَ . يَمْلِكُونَ الأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ ، ويُمْضُونَ الأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ ، ولَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ « خطبة » 109 / 108 سُبْحَانَكَ خَالِقاً ومَعْبُوداً بِحُسْنِ بَلَائِكَ عِنْدَ خَلْقِكَ خَلَقْتَ دَاراً ، وجَعَلْتَ فِيهَا مَأْدُبَةً : مَشْرَباً ومَطْعَماً ، وأَزْوَاجاً وخَدَماً ، وقُصُوراً ، وأَنْهَاراً ، وزُرُوعاً ، وثِمَاراً ثُمَّ أَرْسَلْتَ دَاعِياً يَدْعُو إِلَيْهَا ، فَلَا الدَّاعِيَ أَجَابُوا ، ولَا فِيمَا رَغَّبْتَ رَغِبُوا ، ولَا إِلَى مَا شَوَّقْتَ إِلَيْهِ اشْتَاقُوا . أَقْبَلُوا عَلَى جِيفَةٍ قَدِ افْتَضَحُوا بِأَكْلِهَا ، واصْطَلَحُوا عَلَى