عَلَى أَكْتَافِهَا ، فَجَّرَ يَنَابِيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ أُنُوفِهَا ، وفَرَّقَهَا فِي سُهُوبِ بِيدِهَا وأَخَادِيدِهَا ، وَعَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسِيَاتِ مِنْ جَلَامِيدِهَا ، وذَوَاتِ الشَّنَاخِيبِ الشُّمِّ مِنْ صَيَاخِيدِهَا ، فَسَكَنَتْ مِنَ الْمَيَدَانِ لِرُسُوبِ الْجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا ، وتَغَلْغُلِهَا مُتَسَرِّبَةً فِي جَوْبَاتِ خَيَاشِيمِهَا ، ورُكُوبِهَا أَعْنَاقَ سُهُولِ الأَرَضِينَ وجَرَاثِيمِهَا ، وفَسَحَ بَيْنَ الْجَوِّ وبَيْنَهَا ، وأَعَدَّ الْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً لِسَاكِنِهَا ، وأَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلَى تَمَامِ مَرَافِقِهَا .ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ الأَرْضِ الَّتِي تَقْصُرُ مِيَاهُ الْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا ، ولَا تَجِدُ جَدَاوِلُ الأَنْهَارِ ذَرِيعَةً إِلَى بُلُوغِهَا ، حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيِي مَوَاتَهَا ، وتَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا . أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ افْتِرَاقِ لُمَعِهِ ، وتَبَايُنِ قَزَعِهِ ، حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ الْمُزْنِ فِيهِ ، والْتَمَعَ بَرْقُهُ فِي كُفَفِهِ ، ولَمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فِي كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ ، ومُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ ، أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِكاً ، قَدْ أَسَفَّ هَيْدَبُهُ ، تَمْرِيهِ الْجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضِيبِهِ ودُفَعَ شَآبِيبِهِ . فَلَمَّا أَلْقَتِ السَّحَابُ بَرْكَ بِوَانَيْهَا ، وبَعَاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْءِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا ، أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الأَرْضِ النَّبَاتَ ، ومِنْ زُعْرِ الْجِبَالِ الأَعْشَابَ ، فَهِيَ تَبْهَجُ بِزِينَةِ رِيَاضِهَا ، وتَزْدَهِي بِمَا أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطِ أَزَاهِيرِهَا ،