وحِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا ، وجَعَلَ ذَلِكَ بَلَاغاً لِلأَنَامِ ، ورِزْقاً لِلأَنْعَامِ ، وخَرَقَ الْفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا ، وأَقَامَ الْمَنَارَ لِلسَّالِكِينَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا . فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ ، وأَنْفَذَ أَمْرَهُ .« خطبة » 185 / 227 وكَذَلِكَ السَّمَاءُ والْهَوَاءُ ، والرِّيَاحُ والْمَاءُ . فَانْظُرْ إِلَى الشَّمْسِ والْقَمَرِ ، والنَّبَاتِ والشَّجَرِ ، والْمَاءِ والْحَجَرِ ، واخْتِلَافِ هَذَا اللَّيْلِ والنَّهَارِ ، وتَفَجُّرِ هَذِهِ الْبِحَارِ ، وكَثْرَةِ هَذِهِ الْجِبَالِ ، وطُولِ هَذِهِ الْقِلَالِ وتَفَرُّقِ هَذِهِ اللُّغَاتِ ، والأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ . فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمُقَدِّرَ ، وجَحَدَ الْمُدَبِّرَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارِعٌ ، ولَا لِاخْتِلَافِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ ولَمْ يَلْجَئُوا إِلَى حُجَّةٍ فِيمَا ادَّعَوْا ، ولَا تَحْقِيقٍ لِمَا أَوْعَوْا ، وهَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ ، أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ جَانٍ فَتَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي « يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً » ويُعَفِّرُ لَهُ خَدّاً ووَجْهاً ، ويُلْقِي إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ سِلْماً وضَعْفاً ، ويُعْطِي لَهُ الْقِيَادَ رَهْبَةً وخَوْفاً وأَنْشَأَ « السَّحَابَ الثِّقَالَ » فَأَهْطَلَ دِيَمَهَا ، وعَدَّدَ قِسَمَهَا .فَبَلَّ الأَرْضَ بَعْدَ جُفُوفِهَا ، وأَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا .