الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ ، ولَا تَحْوِيهِ الْمَشَاهِدُ ، ولَا تَرَاهُ النَّوَاظِرُ ، ولَا تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ ، الدَّالِّ عَلَى قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ ، وبِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلَى وُجُودِهِ .ودَائِمٌ لَا بِأَمَدٍ ، وقَائِمٌ لَا بِعَمَدٍ . تَتَلَقَّاهُ الأَذْهَانُ لَا بِمُشَاعَرَةٍ ، وتَشْهَدُ لَهُ الْمَرَائِي لَا بِمُحَاضَرَةٍ . لَمْ تُحِطْ بِهِ الأَوْهَامُ ، بَلْ تَجَلَّى لَهَا بِهَا ، وبِهَا امْتَنَعَ مِنْهَا وإِلَيْهَا حَاكَمَهَا .ولَا صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ وتَوَهَّمَهُ . كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ ، وكُلُّ قَائِمٍ فِي سِوَاهُ مَعْلُولٌ . فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ آلَةٍ ، مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ ، غَنِيٌّ لَا بِاسْتِفَادَةٍ . لَا تَصْحَبُهُ الأَوْقَاتُ ، ولَا تَرْفِدُهُ الأَدَوَاتُ سَبَقَ الأَوْقَاتَ كَوْنُهُ ، والْعَدَمَ وُجُودُهُ ، والِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ .وبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَهُ .مَنَعَتْهَا « مُنْذُ » الْقِدْمَةَ وحَمَتْهَا « قَدُ » الأَزَلِيَّةَ ، وجَنَّبَتْهَا « لَوْلَا » التَّكْمِلَةَ بِهَا تَجَلَّى صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ ، وبِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُيُونِ ، ولَا يَجْرِي عَلَيْهِ السُّكُونُ والْحَرَكَةُ ، وكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ ، ويَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ ، ويَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ ، ولَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ ، ولَامْتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعْنَاهُ ، ولَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ ، ولَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ