وإِذاً لَقَامَتْ آيَةُ الْمَصْنُوعِ فِيهِ ، ولَتَحَوَّلَ دَلِيلاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولاً عَلَيْهِ ، وخَرَجَ بِسُلْطَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِهِ . الَّذِي لَا يَحُولُ ولَا يَزُولُ ، ولَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الأُفُولُ .لَا تَنَالُهُ الأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ ، ولَا تَتَوَهَّمُهُ الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ ، ولَا تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّهُ ، ولَا تَلْمِسُهُ الأَيْدِي فَتَمَسَّهُ . ولَا يَتَغَيَّرُ بِحَالٍ ، ولَا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحْوَالِ ، ولَا تُبْلِيهِ اللَّيَالِي والأَيَّامُ ، ولَا يُغَيِّرُهُ الضِّيَاءُ والظَّلَامُ .ولَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنَ الأَجْزَاءِ ، ولَا بِالْجَوَارِحِ والأَعْضَاءِ ، ولَا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعْرَاضِ ، ولَا بِالْغَيْرِيَّةِ والأَبْعَاضِ .ولَا يُقَالُ : لَهُ حَدٌّ ولَا نِهَايَةٌ ، ولَا انْقِطَاعٌ ولَا غَايَةٌ ولَا أَنَّ الأَشْيَاءَ تَحْوِيهِ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْوِيَهُ ، أَوْ أَنَّ شَيْئاً يَحْمِلُهُ فَيُمِيلَهُ أَوْ يُعَدِّلَهُ .لَيْسَ فِي الأَشْيَاءِ بِوَالِجٍ ، ولَا عَنْهَا بِخَارِجٍ .ويَحْفَظُ ولَا يَتَحَفَّظُ ، ويُرِيدُ ولَا يُضْمِرُ . يُحِبُّ ويَرْضَى مِنْ غَيْرِ رِقَّةٍ ، ويُبْغِضُ ويَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ .لَا يُقَالُ : كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، فَتَجْرِيَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ ، ولَا يَكُونُ بَيْنَهَا وبَيْنَهُ فَصْلٌ ، ولَا لَهُ عَلَيْهَا فَضْلٌ ، فَيَسْتَوِيَ الصَّانِعُ والْمَصْنُوعُ ، ويَتَكَافَأَ الْمُبْتَدَعُ والْبَدِيعُ .هُوَ الْمُفْنِي لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا ، حَتَّى يَصِيرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا .