نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 537
أمّا الأوّل : أعني قوله : ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُوم * فَقالَ إِنّي سَقيم ) ( الصافات / 88 - 89 ) . فلا دليل لنا انّه لم يكن حين ذاك سقيماً ، وقد أخبر القرآن بإخباره بأنّه سقيم ، وذكر سبحانه قبل ذلك انّه جاء ربّه بقلب سليم . فلا يصحّ عليه كذب ولا لغو في القول . وأمّا ما هي الصلة بين قوله ( فنظر نظرةً في النجوم ) وقوله : ( إنّي سقيم ) ؟ فخارج عن موضوع بحثنا ، ولو لم يظهر لنا وجه الصلة ، فلا مسوغ لنا على حمل قوله على الكذب . وأمّا الثاني أعني : قوله : ( قالَ بَلْ فَعَلهُ كَبِيرُهُمْ هذا فاسئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُون ) ( الأنبياء / 63 ) فليس بكذب قطعاً فانّ الصدق والكذب من صفات الكلام الصادر عن جدّ . وأمّا الكلام الصادر لغاية أُخرى كالهزل والاستهزاء الحق ، فلا يوصف بالكذب وممّا لا شك فيه انّ إبراهيم تكلّم بما تكلّم ونسب كسر الأصنام إلى كبيرهم بغية الاستخفاف بعقول القوم حتى يهيّئ الأرضية اللازمة لأن يقولوا له : ( لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاءِ يَنْطِقُون ) ( الأنبياء / 65 ) فتتهيأ عندئذ أرضية مناسبة لإفحامهم وتفنيد مزاعمهم بأُلوهية تلك التماثيل ، بقوله : ( أَفَتَعبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ما لا يَنْفَعُكُمُ شيئاً وَلا يَضُرُّكُمْ * أُفّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَفَلا تَعْقِلُون ) ( الأنبياء / 66 - 67 ) . فالكلام الملقى لتسكيت الخصم وإفحامه لا يوصف بالكذب إذا كان هناك قرينة واضحة على أنّه لم يصدر لغاية الجد ، بل صدر لتكون مقدمة لاستنطاق الخصم واعترافه بعدم قابلية الأصنام على التكلم حتى يتابعه إبراهيم بالبرهان الدامغ والتنديد بعقيدتهم الساذجة بما عرفت . وأمّا الثالث فليس له مصدر إلاّ التوراة المحرفة ، فقد جاء فيها : فحدث لما دخل ابرام إلى مصر أنّ المصريين رأوا المرأة انّها حسنة جداً
537
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 537