عليها ، فصارت تمج [1] الطعام في أفواهها بعد ما توعيه [2] حواصلها [3] فلا تزال تغذوها تستقل بأنفسها ، ولذلك لم ترزق الحمام فراخا كثيرة مثل ما ترزق الدجاج ، لتقوى الأم على تربية فراخها فلا تفسد ولا تموت فكلا أعطى بقسط من تدبير الحكيم اللطيف الخبير . ( قوائم الحيوان وكيفية حركتها ) أنظر إلى قوائم الحيوان كيف تأتي أزواجا ، لتتهيأ للمشي ، ولو كانت أفرادا لم تصلح لذلك ، لأن الماشي ينقل قوائمه يعتمد على بعض فذو القائمتين ينقل واحدة ، ويعتمد على واحدة ، وذو الأربع ينقل اثنتين ويعتمد على اثنتين وذلك من خلاف ، لأن ذا الأربع لو كان ينقل قائمتين من أحد جانبيه ، ويعتمد على قائمتين من الجانب الآخر ، لم يثبت على الأرض ، كما يثبت السرير وما أشبهه ، فصار ينقل اليمنى من مقاديمه مع اليسرى من مآخيره ، وينقل الأخريين أيضا خلاف ، فيثبت على الأرض ، ولا يسقط إذا مشى . ( انقياد الحيوانات المسخرة للإنسان وسببه ) أما ترى الحمار كيف يذل للطحن والحمولة وهو يرى الفرس مودعا منعما ، والبعير لا يطيقه عدة رجال لو استعصى كيف كان ينقاد للصبي ؟ والثور الشديد كيف كان يذعن لصاحبه ، حتى يضع النير [4] على عنقه ،
[1] تمج الطعام أي ترمي به . [2] توعيه من أوعى الزاد ونحوه - أي جعله في الوعاء . [3] الحواصل كأنها جمع حوصلة وحوصلاء وهي من الطير بمنزلة المعدة من الإنسان . [4] النير - بالكسر - الخشبة المعترضة في عنقي الثورين بأدائها والجمع أنيار ونيران .