( موافاة أصناف النبات في الوقت المشاكل لها ) وانظر كيف صارت الأصناف توافي في الوقت المشاكل لها ، من حمارة [1] الصيف ووقدة الحر فتلقاها النفوس بانشراح وتشوق إليها ، ولو كانت توافي الشتاء لوافقت من الناس كراهة لها واقشعرارا [2] منها مع ما يكون فيها من المضرة للأبدان . ألا ترى أنه ربما أدرك شئ من الخيار في الشتاء ، فيمتنع الناس من أكله إلا الشره الذي يمتنع من أكل ما يضره ويسقم معدته . ( في النخل وخلقة الجذع والخشب وفوائد ذلك ) فكر يا مفضل في النخل ، فإنه لما صار فيه إناث تحتاج التلقيح جعلت فيه ذكورة اللقاح من غير غراس ، فصار الذكر من النخل بمنزلة الذكر من الحيوان الذي يلقح الإناث لتحمل وهو لا يحمل . تأمل خلقة الجذع كيف هو ؟ فإنك تراه كالمنسوج نسجا من خيوط ممدودة كالسدى وأخرى معه معترضة كاللحمة [3] كنحو ما ينسج ، بالأيدي وذلك ليشتد ويصلب ولا يتقصف من حمل القنوات [4] الثقيلة وهز الرياح العواصف إذا صار نخلة وليتهيأ للسقوف والجسور وغير ذلك مما يتخذ منه إذا صار جذعا . وكذلك ترى الخشب مثل النسج فإنك ترى بعضه مداخلا بعضه بعضا
[1] الحمارة : شدة الحر والجمع حمار . [2] اقشعر : تغير لونه . [3] اللحمة - بالضم - ما سدي به بين سدي الثوب أي ما نسج عرضا وهو خلاف سواه والجمع لحم . [4] في الأصل المطبوع - قنوان - ولا معنى لها هنا . والقنوات جمع قناة وهي العصا الغليظة ، وقد أراد بها الإمام عليه السلام هنا هي سعف النخل الغليظة .