نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 264
أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم أي المنزلتين يصل ، إلى الجنة أم إلى النار ؟ أعدو هو لله أم ولي [ له ] ، فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة ، وشرعت له طرقها ، ورأي ما أعد الله له فيها ، ففرغ من كل شغل ، ووضع عنه كل ثقل ، وإن كان عدو الله فتحت له أبواب النار وشرعت له طرقها ، ونظر إلى ما أعد الله له فيها ، فاستقبل كل مكروه ، وترك كل سرور ، كل هذا يكون عند الموت ، وعنده يكون اليقين . قال الله عز اسمه : " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون [1] " ، ويقول : " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فأدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين [2] " . يا عباد الله إن الموت ليس منه فوت ، فاحذروه قبل وقوعه ، وأعدوا له عدته ، فإنكم طراد الموت [3] ، إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم من ظلكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوى [ من ] خلفكم ، فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم أنفسكم إليه من الشهوات [4] ، فكفى بالموت واعظا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا ما يوصي [ أصحابه ] بذكر الموت ، فيقول : أكثروا ذكر الموت فإنه هاذم اللذات ، حائل بينكم وبين الشهوات . يا عباد الله ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشد من الموت ، القبر ، فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم : أنا بيت الغربة ،
[1] النحل : 32 . [2] النحل : 28 ، 29 . [3] قال في النهاية : " فيه : كنت أطارد حية أي أخادعها لأصيدها ومنه طراد الصيد " . وفي النهج : " طرداء الموت " . [4] نازعتني نفسي إلى كذا : اشتاقت إليه .
264
نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 1 صفحه : 264