نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 45
إلا لمن كان هذا وصفه ، وهو عز وجل يتعالى عن هذه الصفات علوا كبيرا . ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : أيها اليهود أخبروني عن الله أليس يمرض ثم يصح ويصح ثم يمرض أبدا له في ذلك ، أليس يحيي ويميت أبدا له في كل واحد من ذلك ؟ قالوا : لا . قال : فكذلك الله تعبد نبيه محمدا بالصلاة إلى الكعبة بعد أن كان تعبده بالصلاة إلى بيت المقدس وما بدا له في الأول . ثم قال : أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف والصيف في أثر الشتاء ، أبدا له في كل واحد من ذلك ؟ قالوا : لا . قل : فكذلك لم يبدله في القبلة . قال : ثم قال أليس قد ألزمكم في الشتاء أن تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة ، وألزمكم في الصيف أن تحترزوا من الحر ، أفبدا له في الصيف حين أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشتاء ؟ قالوا : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فكذلكم الله تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشئ ثم تعبدكم في وقت آخر لصلاح يعلمه بشئ آخر فإذا أطعتم الله في الحالتين استحققتم ثوابه ، فأنزل الله تعالى " ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم " [1] يعني إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه . ثم قال رسول الله : يا عباد الله أنتم كالمرضى والله رب العالمين كالطبيب ، فصلاح المرضى فيما يعمله الطبيب ويدبره به لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه . ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين . فقيل : يا بن رسول الله فلم أمر بالقبلة الأولى ؟ فقال : لما قال الله تعالى " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها " وهي بيت المقدس " إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه " [2] إلا لنعلم ذلك منه وجودا بعد أن علمناه سيوجد ، وذلك إن هوى أهل مكة كان في الكعبة فأراد الله أن يبين متبعي محمد ممن خالفه باتباع القبلة التي كرهها ومحمد يأمر بها ، ولما كان هوى أهل المدينة