غير [1] . وقد أشرنا فيما سلف إلى أن المبدع للمقولة ، والمخترع الأول للشبهة ، والمبادر في إلقائها هو الخليفة عمر ذاته ، ولا أحد غيره ، وإذا تلفظ ونطق الآخرون بها وقالوا : ( هجر ) لم يأتوا بها من تلقاء أنفسهم بل إنهم تعلموا ذلك من الخليفة . 3 - النكتة الثالثة الهامة هي ما يرتبط بالشق الأخير من الحديث إذ أن بعض الرواة والحفاظ أسقطوا ذلك ، وقطعوا ذيله ، ولكن آخرين غيرهم ذكروا الرواية بكاملها ، وفيها إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في تلك اللحظة الحساسة ، وبعد ما امتنع من كتابة الوصية أوصى بثلاث وصايا ، فنقل الراوي اثنتين منها ، ونسي الثالثة . فقال : وأوصى عند موته بثلاث . . . ونسيت الثالثة . وهنا يتبادر سؤال : ما هي الوصية الثالثة التي نسجت العنكبوت . . . أوتار نسيانها عليه ؟ والحق إن نسيان الوصية الثالثة من وصايا النبي كانت فيه مصلحة ومنفعة لأن تنسى . ولا شك أن هذه الوصية الثالثة المنسية هي نفس الموضوع المهم والمصيري الذي اهتم النبي به وأمر بإحضار الكتف والدواة ليكتبه والذي يكون سدا منيعا أمام ضلالة المسلمين وغيهم . والمهم أن الوصية التي أراد النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يوصي بها كانت من الأهمية والخطورة بحيث استدعت أن يقوم أحد الحاضرين في مجلس النبي بالمعارضة والمخالفة ويلفق على النبي بهتان الهجر والهذيان . وهذه الوصية التي بها تسد أبواب الضلالة والانحراف ما زالت باقية في ذهن النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى استدعت أن يكتبها بعد أن أكدها وكررها شفاها ، وذكرها صراحة ، ولا شك في أن الراوي كان يعلمها ويدري تلك الوصية إلا أن مصلحة النظام ومنافعها هي التي
[1] راجع متن الأحاديث التي أشرنا إليها في هوامش ص 387 - 389 .