لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر . نقل ابن أبي الحديد رواية مفصلة من حوار جرى بين ابن عباس والخليفة عمر . وقد اعترف الخليفة فيه بحقيقة هامة : فقال : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مرضه أراد أن يصرح باسمه - الإمام علي ( عليه السلام ) - فمنعت من ذلك . وذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر - صاحب كتاب تاريخ بغداد - في تاريخه مسندا [1] . 2 - إن جملتي ( هجر رسول الله ) و ( غلب عليه الوجع ) وإن كانتا متغايرتين لفظا إلا أن مفهومهما واحد وهو نسبة الهجر والهذيان إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) . إلا أن رواة الحديث وحفاظ أهل السنة لما شاهدوا بأن هذا البهتان العمري وهذه النسبة - التي نسبها خليفتهم عمر إلى رسول الله تخالف صريح الآيات القرآنية التي تصف النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخاصة آية ( ما ضل صاحبكم وما غوى ) [2] - سوف تعرضهم للنقد وتوقعهم في المؤاخذات والانتقادات ، قاموا - وكدأبهم الدائم - بتحريف وتغيير الحديث بأشكال مختلفة . ففي الأحاديث التي لم يرد فيها اسم الخليفة عمر صراحة ، ونسبوا فيها القول المذكور إلى بعض الحاضرين عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ذكرت جملة هجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صريحة . وأما الأحاديث التي ورد فيها اسم عمر أو جاء فيها كلمة بعض والتي هي إشارة لا ، محالة إلى أن البعض هو عمر ، فترى محدثو العامة أتوا بجملة ( غلب عليه الوجع ) بدلا عن كلمة هجر ، ولا ريب أن تلك الجملة تعبير كنائي عن هذه الكلمة ومفهومهما واحد لا
[1] شرح نهج البلاغة 12 : 21 و 78 . [2] النجم : 3 .