ألزمته أن يكتم وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويدفنها تحت أكمام النسيان والتناسي كما قال : ( ونسيت الثالثة ) . والجدير بالعجب والدهشة أن ابن عباس وسعيد بن جبير - الراوي الأول والثاني - لوصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) الثالثة قد نقلاها ، ولكن ما أن تصل سلسلة سند الرواية إلى سليمان الأحول حتى طغى عليه عفريت النسيان فغابت تلك الوصية عن باله . . وصرح البخاري بأن سفيان بن عيينة - الراوي الرابع من سلسلة سند الحديث المبتور قال بأن جملة ( ونسيت الثالثة ) هي كلمة سليمان الأحول وليست كلمة سعيد بن جبير أو عبد الله بن عباس ، وهكذا اعترف قائلا : قال سفيان : هذا من قول سليمان [1] . فتعسا وسحقا لهذه السياسة التي تحول بين المرء وبين الحقائق المصيرية ، وتقوم بتحريف الحقائق وتزويرها ، وتودع الكثير من الحلول الضرورية في قفص النسيان والتناسي . سؤال وجواب : استشكل بعض العلماء من أهل السنة قائلا : فلو كانت كتابة الوصية ذات أهمية قصوى ، فلماذا أعرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن ذلك على أثر مخالفة شرذمة قليلة ؟ فلو كانت الوصية بهذه المكانة من الأهمية لماذا استسلم النبي ( صلى الله عليه وآله ) لمخالفة الفئة المعارضة ، وهو يرى إن هذا الأمر هو نجاة للأمة ومصلحة لها ؟ وأما الجواب : فنكتفي بما قاله المرحوم العلامة السيد شرف الدين الموسوي بهذا الصدد إذ يقول : وإنما عدل عن ذلك لأن كلمتهم تلك ( هجر رسول الله ) التي فاجأوه بها اضطرته إلى العدول ، إذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده ، في أنه
[1] صحيح البخاري 4 : 121 كتاب الخمس باب إخراج اليهود من جزيرة العرب .