بينما الروايات والتاريخ يدفعان هذا الاتهام والوصمة بالارتداد عن هذه الفئة وينفيانه عنها وتبرئ أولئك من هذه الفرية . ومن الأحاديث التي تكشف عن واقعية هذه القضية وحقيقتها هو ما أخرجه البخاري ومسلم في كتابيهما ، حيث كشفا عن جوانب جزئية من هذه القصة نتطرق إلى نقل خلاصة القضية من الناحية التاريخية . أخرج الشيخان عن أبي شهاب ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال : لما توفي النبي ( صلى الله عليه وآله ) واستخلف أبو بكر ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر : يا أبا بكر ! كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ) ؟ . قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لقاتلتهم على منعها . قال عمر : والله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق [1] . أقول : إن الجملة الأولى من هذه الحكاية - وكفر من كفر من العرب - كما يظهر من ظاهرها ليست إلا كذبا وتدليسا ، وما هي إلا ذريعة التمسوها لتوجيه القتل والغارات والتنكيل بالمسلمين ، التي وقعت بأمر من الخليفة أبي بكر ، وما يشهد على زيف دعواهم ما جاء في الفقرات الأخيرة من القصة البخارية . 1 - ورد في جواب أبي بكر لعمر : ( إني أقاتل من فرق بين الصلاة والزكاة ) وهذه العبارة إنما تدل بوضوح على إيمانهم وإقامتهم الصلاة وليس فيها ما يمت إلى كفرهم .
[1] صحيح البخاري 9 : 19 كتاب استتابة المرتدين والمعاندين باب قتل من أبى قبول الفرائض ، صحيح مسلم 1 : 51 كتاب الإيمان باب ( 8 ) باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله . . .