فبعد وفاة الرسول أبي بعض المسلمين المعتقدين بوجوب أحكام الدين وضرورياته كالزكاة أن يدفع الزكاة إلى أبي بكر ، والحق لأنهم ما كانوا يعترفون بخلافة أبي بكر على أنها خلافة شرعية ، ولذلك حاربهم أبو بكر فقتل رجالهم وسبى نساءهم وأطفالهم [1] . ولما رأوا فضاعة ما فعلوه عمدوا إلى إلباسه لباس الشرعية ليحصنوا بذلك شرف الخليفة من النقد والاستنكار ، ويبرؤونه من وصمة العار ، ولذلك سموا مانعي دفع الزكاة إلى الخليفة بالمرتدين ، وبذلك اشتهروا ، وصيروا في قائمة الكفار مثل مسيلمة [2] وطليحة [3] اللذان حاربا الإسلام في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
[1] ثمة في التاريخ الإسلامي قضايا وحوادث مؤلمة مثل إحراق قبيلة بني سليم الذي أشعل خالد بن الوليد فيها الفار في غرة حكومة الخليفة أبي بكر الصديق . راجع الرياض النضرة للمحب الطبري 1 : 147 . [2] مسيلمة الكذاب : هو مسيلمة بن ثمامة من بني حنيفة ، ادعى النبوة وكان من المعمرين ، نشأ باليمامة ، ولما ظهر الإسلام في الحجاز وافتتح النبي ( صلى الله عليه وآله ) مكة ودانت له العرب ، جاءه وفد من بني حنيفة وكان معهم مسيلمة إلا إنه تخلف مع الرحال خارج مكة فجاء الوفد إلى النبي وأسلموا وأخبروا النبي بمكان مسيلمة ، ولما رجعوا إلى ديارهم كتب مسيلمة إلى النبي : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد . . . فأجابه النبي : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب . . . وكان مسيلمة يضع أسجاعا ليضاهي بها القرآن ، وتوفي النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبل القضاء على فتنته ، وفي عهد أبي بكر أرسل أبو بكر جيشا بقيادة خالد بن الوليد فقضى عليه ، وكان ذلك سنة 12 من الهجرة . راجع الأعلام ترجمة مسيلمة الجزء السابع . المعرب [3] طليحة الكذاب : هو طليحة بن خويلد الأسدي ، قدم هو وقبيلته سنة تسع من الهجرة المدينة فأسلموا ، ولما رجعوا ارتد طليحة وادعى النبوة فوجه النبي ( صلى الله عليه وآله ) إليه ضرار بن الأزور فضربه ضرار بالسيف يريد قتله ، فنبا السيف فشاع بين الناس إن السلاح لا يؤثر فيه ، ومات النبي ( صلى الله عليه وآله ) فكثر أتباع طليحة من قبائل أسد وغطفان وطي ، وكان يقول : إن جبرئيل يأتيه ، وتلا على الناس أسجاعا أمرهم فيها بترك السجود في الصلاة ، فهاجم المدينة في عهد أبي بكر وقاتله خالد ومات في عهد عمر . الأعلام ترجمة طليحة الأسدي الجزء الثالث . المعرب .