فقليلا ما أجري حد الخمر في ذاك الزمان ، ولذلك ترى إن النسيان بالحكم قد اعترض الخليفة عمر . ولكن في عهد الخليفة عمر حيث انفصل الناس عن المعنويات ، وغمروا بالماديات وظل شرب الخمر يشيع شيئا فشيئا ، فأصبح الحكم فيه من الموارد الكثيرة الابتلاء . وقد ذكرنا آنفا أن أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) هو الذي أشار على عمر بحد الشارب خمرا ثمانين جلدة وليس عبد الرحمن بن عوف . فابن رشد الأندلسي يذكر الاختلاف الحاصل عند فقهاء أهل السنة في حد شارب الخمر وبعده يذكر الرأي المشهور على أنه هو ثمانين جلدة ثم يقول : فعمدة الجمهور تشاور عمر والصحابة لما كثر في زمانه شرب الخمر ، وأشار علي ( عليه السلام ) عليه بأن يجعل الحد ثمانين قيادا على حد الفرية [1] . وعلى أي حال ، فالمستفاد من مجموع ما ذكرناه هو - سواء كان الذي أشار عليه بذلك الإمام علي ( عليه السلام ) أو عبد الرحمن بن عوف - أن الخليفة عمر بن الخطاب عرف الحكم في حد شارب الخمر بعد المشورة والاستشارة مع الآخرين . 3 - دية الجنين : عن المسور بن مخرمة قال : استشار عمر بن الخطاب الناس في إملاص المرأة . فقال المغيرة بن شعبة : شهدت النبي ( صلى الله عليه وآله ) قضى فيه بغرة عبد أو أمة . قال : فقال عمر : ائتني بمن يشهد معك . قال : فشهد له محمد بن مسلمة [2] . أقول : هذا الحكم كما يشهد به الصحيحان - أصح كتب أهل السنة - هو من الأحكام التي أفتى بها الخليفة عمر بن الخطاب باستناد الاستشارة ، وفي الحديث إن
[1] بداية المجتهد 2 : 482 . [2] صحيح البخاري 9 : 14 كتاب الديات باب جنين المرأة ، صحيح مسلم 3 : 1311 كتاب الديات باب ( 11 ) باب دية الجنين ح 39 .