الخليفة قد أخذ برأي المغيرة بن شعبة الجاني الزاني وشهادة رجل آخر . 4 - الاستئذان : أبا سعيد الخدري يقول : كنت جالسا بالمدينة في مجلس الأنصار ، فأتانا أبو موسى فزعا أو مذعورا . قلنا : ما شأنك ؟ قال : إن عمر أرسل إلي أن آتيه ، فأتيت بابه فسلمت ثلاثا فلم يرد علي ، فرجعت . فقال : ما منعك أن تأتينا ؟ فقلت : إني أتيتك فسلمت على بابك ثلاثا فلم يردوا علي ، فرجعت وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع . فقال عمر : أقم عليه البينة وإلا أوجعتك . فقال أبي بن كعب : لا يقوم معه إلا أصغر القوم . قال أبو سعيد : قلت : أنا أصغر القوم . قال : فاذهب به [1] . أخرج مسلم هذه المسألة في صحيحه فمن تسعة أحاديث بأسانيد ومتون مختلفة ، ورد عقيب واحدة منها تبرير الخليفة عمر لجهله بهذا الحكم البسيط قال : خفي علي هذا من أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ألهاني عنه الصفق بالأسواق [2] . وجاء في حديث آخر إن أبي بن كعب هو الذي شهد لأبي موسى ، وقال بعدها مستنكرا عمل الخليفة : فلا تكن يا بن الخطاب عذابا على أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) [3] . أقول : إن مسألة الاستئذان التي أخرجها الشيخان في صحيحيهما ، والتي كانت تعتبر مشكلة ومعضلة واجهت الخليفة عمر ، حتى استدعت أن يشهد عليها الآخرون ويغلظ عليهم ، هي من المسائل الأخلاقية والإنسانية الفطرية وكل من كان ملتزما بمثل هذه الأخلاقيات يدرك حكمها بالفطرة والوجدان .
[1] صحيح البخاري 8 : 67 كتاب الاستئذان باب التسليم والاستئذان ثلاثا ، صحيح مسلم 3 : 1694 كتاب الآداب باب ( 7 ) باب الاستئذان ح 33 . [2] صحيح مسلم 3 : 1696 كتاب الآداب باب ( 7 ) باب الاستئذان ح 36 . [3] المصدر ح 37 .