ثم ظعنوا عنها بغير زاد مبلغ ولا ظهر قاطع ( 1 ) فهل بلغكم أن الدنيا سخت لهم نفسا بفدية ( 2 ) ، أو أعانتهم بمعونة أو أحسنت لهم صحبة . بل أرهقتهم بالقوادح ( 3 ) ، وأوهنتهم بالقوارع ، وضعضعتهم بالنوائب ( 4 ) وعفرتهم للمناخر ( 5 ) ، ووطئتهم بالمناسم ( 6 ) ، وأعانت عليهم ريب المنون . فقد رأيتم تنكرها لمن دان لها ( 7 ) ، وآثرها وأخلد لها ( 8 ) ، حتى ظعنوا عنها لفراق الأبد ( 9 ) . وهل زودتهم إلا السغب ( 10 ) ، أو أحلتهم إلا الضنك ( 11 ) ، أو نورت لهم إلا الظلمة ( 12 ) ، أو أعقبتهم إلا الندامة . أفهذه تؤثرون أم إليها تطمئنون ؟ أم عليها تحرصون ؟ . فبئست الدار لمن لم يتهمها ولم يكن فيها على وجل منها فاعلموا - وأنتم تعلمون - بأنكم تاركوها وظاعنون عنها . واتعظوا فيها بالذين قالوا " من أشد منا قوة " . حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا ( 13 ) ،