ويسمع بأذن غير سميعة . قد خرقت الشهوات عقله ، وأماتت الدنيا قلبه ، وولهت عليها نفسه . فهو عبد لها ، ولمن في يده شئ منها . حيثما زالت زال إليها وحيثما أقبلت أقبل عليها . ولا يزدجر من الله بزاجر ، ولا يتعظ منه بواعظ . وهو يرى المأخوذين على الغرة ( 1 ) - حيث لا إقالة ولا رجعة كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون ، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون ، وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون . فغير موصوف ما نزل بهم ، اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت . ففترت لها أطرافهم ، وتغيرت لها ألوانهم . ثم ازداد الموت فيهم ولوجا ( 2 ) . فحيل بين أحدهم وبين منطقه ، وإنه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع بأذنه ، على صحة من عقله ، وبقاء من لبه . يفكر فيم أفنى عمره ، وفيم أذهب دهره . ويتذكر أموالا جمعها أغمض في مطالبها ( 3 ) ، وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها . قد لزمته تبعات جمعها ( 4 ) ، وأشرف على فراقها ، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها ويتمتعون بها . فيكون المهنأ لغيره ( 5 ) ،