الثاني في الادراك لقلّة تمرنه قطعاً وعدم امتزاج مادَّته بالعقل وضعف استضاءة ساير قواه الادراكيّة بنوره وهو بمنزلة بيت وضع المصباح في خارجه فله الدَّرجة الأدنى من الفهم والمرتبة الدُّنيا من الإدراك لا يفهم معنى الكلام بعد تمامه ، بل يحتاج إلى تكريره فلذلك يقول أعد عليِّ ثمّ هذه المراتب هي الامّهات في مراتب الادراك واختلافاتها وإلاّ فلكلِّ درجة مراتب متفاوتة في القوّة والضعف يدلُّ على ذلك ما رواه يحيى بن أبان عن شهاب قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : « لو علم الناس كيف خلق الله تعالى هذا الخلق لم يلم أحدٌ أحداً فقلت : أصلحك الله وكيف ذلك ؟ فقال : إنَّ الله تبارك وتعالى خلق اجزاء بلغ بها تسعة وأربعون جزءاً ، ثمّ جعل الأجزاء أعشاراً فجعل الجزء عشرة أعشار ثمّ قسّمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشري جزء ، حتّى بلغ به جزءاً تامّاً ، وفي آخر جزءاً وعشر جزء وفي آخر جزء عشري جزء ، حتّى بلغ به جزءاً تامّاً ، وفي آخر جزءاً وعشر جزء وفي آخر جزء وعشري جزء وآخر جزءاً وثلاثة أعشار جزء حتّى بلغ به جزءين تامّين ثم بحساب ذلك حتّى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعون جزءاً ، فمن لم يجعل فيه إلاّ عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين ، وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الثلاثة الأعشار ، وكذلك من تمَّ له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزءين ، ولو علم الناس أنّ الله عزّ وجلّ خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحدٌ أحداً » ( 1 ) ويحتمل أن يكون قوله « من عجنت نطفته بعقله » معناه من خلقت نفسه قبل التعلّق بالبدن على وصف كمالي مناسب للعقل وارتباطها به ثمّ تعلّقت بالبدن وقوله « فذاك الّذي ركّب عقله فيه في بطن أُمّه » معناه هو الّذي اتّصفت نفسه بالوصف الكمالي الموجب لقوّة ارتباطها بالعقل بعد تعلّقها بالبدن وقوله « فذلك الّذي ركب عقله فيه بعدما كبر » معناه هو الّذي اتّصفت نفسه بذلك الوصف وحصل لها ارتباط بالعقل بعد استعمال الحواسّ وحصول الضروريّات الّتي هي مبادي النظريات والله أعلم بحقايق الأُمور . * الأصل : 28 - « عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن بعض من رفعه ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا رأيتم الرجل كثير الصّلاة ، كثير الصّيام فلا تباهوا به حتّى تنظروا كيف عقله » . * الشرح : ( عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض من رفعه عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول
1 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب آخر من باب درجات الايمان .